هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

424: قمة حرمون… قمة السياحة

السبت 10 أيلول 2005
-424-
مــع التقدير الكامل لجميع الواحات السياحية عندنا وما تؤمِّنه وزارة السياحة لتفعيل هذه الواحات، قد تكون قمة حرمون أعلى قمة للسياحة في لبنان. وإذا كانت “القـرنـة السوداء” (3091م: أعلى قمة في لبنان وربما في الشرق الأوسط) ليست نقطة جذب سياحة عندنا بعد (مع أهمية فائدتها وتالياً مردودها السياحي) فالأكيد أنَّ على قمة حرمون نقاط جذب سياحية ذات مردود سياحي وثقافي كبير.
فهي سياحة طبيعية: الارتقاء من سهل راشيا الى 2800 متر في 30 دقيقة فقط بفضل طريق شقّتها بلدية راشيا (تعاوُناً مع الجيش اللبناني) بطول 12 كلم تصعيداً في وعورة الجبل الى “باحة المخيَّم” المشرفة على بانوراما واسعة تمتدّ من دير العشائر شمالاً شرقاً (الحدود عند نقطة المصنع) حتى حاصبيا ومرجعيون وصيدا وصور جنوباً غرباً وُصولاً الى الخالصة (أول قرية شمالية في فلسطين). وتكمل الطريق المشقوقة الى “عين جرنايا” على 2830 متراً وهي أعلى عين جارية في الشرق الأوسط وتحتاج الى تأهيل سياحي. ثم يصعِّد الزوار 500 متر في وعورة صعبة لبلوغ قمة حرمون على 2814 متراً في درب يسعى زياد شبلي العريان (رئيس بلدية راشيا) الى تأهيلها مسيَّجةً مدرَّجة آمنة كي يسلكها الزوار والسياح بدون خطر المشقّة في وعورة الصخور الهائلة. ومن هذه القمة ينبسط معظم لبنان على مد العين والنظر.
وهي سياحة ثقافية: مشروع “محترف راشيا للثقافة والفنون” (كما لخّصه رئيس المحترف شوقي دلال) بوضع بَلاطاتٍ صخريةٍ واحدتُها من متر بِمترين، كلُّ صخرةٍ لشاعرٍ من لبنان محفورةٌ عليها أبياتٌ من شعره عن لبنان، ما يُتيحُ لزوَّار هذه الواحة الحرَمونية الفريدة، حين يتم تأهيلُها، أَن يصعِّدوا إليها بين بلاطات صخرية على التلال تَحمل شعراً من لبنان، فيصبح الارتقاء الى قمة حرمون مزنَّراً بقصائدِ شعراء من لبنان تزيد من هيبة المكان المحفوف بصخورٍ طبيعيةٍ نَحتَها الثلج بأخاديدَ وأشكالٍ رائعة، وحتَّتَتْها الأمطار الهُوج على هذا العُلُوِّ الشاهق بأزاميلَ مائيةٍ هندستها بجمال نادر.
وهي سياحة دينية: وجود تلة التجلي هناك وعليها تجلّى السيد المسيح لتلامذته (ظاهرةٌ تُحفِّزُ دخولَ لبنان ذاكرةَ العالَم عبر إثباتِ أنّ هذي هي تلّة التجلّي) على ما جاء في إنجيل متى (الفصل 28: 16 إلى 20) وعلى إثباتات موثَّقةٍ أُخرى جمعها الباحث منير سعيد مهنا في كتابه الصادر قريباً “جبل حرمون: تراث وتاريخ”، وفيه تفاصيل إضافية عن تلة التجلي وعن مغارة “الشيخ الفاضل” (محمد أبو هلال الكوكباني) كان يلجأ إليها هذا المرجع الكبير الذي على اسمه سمّي حرمون كذلك “جبل الشيخ”، ومغارته (على علُو 1460م. في قلب الصخر المهيب) مزار مقدس جليل يضاف الى مزاراتنا الدينية العالية.
وهكذا، إضافةً الى ما تضمره بلدية راشيا من استصلاحات وتأهيل وتهيئة للاستثمارات السياحية (بلغني أن جهة لبنانية اشترت مساحة واسعة لاستصلاحها وجعلها واحة فريدة من نوعها للسياحة الشتائية والتزلُّج) والى مشاريع بلدية راشيا السياحية والبيئية على هذا الجبل الفريد المهيب، يمكن القول إن جبل حرمون مورد سياحي كبير نلفت إليه، بإلحاح شديد، وزارة السياحة التي سوف تجد فيه ومنه وعليه مورداً سياحياً بل كنْزاً سياحياً طبيعياً وثقافياً ودينياً لا يفيد خزينة الوزارة وحسب، بل الأهم: يفيد صورة لبنان في العالم وذاكرة العالم بإضافة نقطة جذب فريدة جديدة الى ما في لبنان من نقاطٍ فريدة ما زالت تدهش العالم.