هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

396: أقلامكم… أقلامكم… وإلاّ فمتى؟

السبت 26 شباط 2005
-396-
إن لم يكُن وقتها الآن، فمتى؟
إن لم تكن لترسيخ هذا المنعطف الذي تلاقى عنده اللبنانيون، جميع اللبنانيين، مقيموهم والمنتشرون، صوتاً واحداً وقلباً واحداً وصرخة واحدة: لبنان اللبناني، فمتى؟
أقلامكم، إن لم تكن لدعم هذه الصرخة، وتأريخ هذه الصرخة، وتقوية هذه الصرخة، فمتى؟ وما قيمة أقلامكم؟
لم يعرف لبنان، قبل حرب الآخرين فيه، وخلالها وبعدها، نقطة تقاطع أجمع عليها اللبنانيون كما هو اليوم، بجميع طوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم، موحّدين بصرخة واحدة وإيمان واحد وتشبّث واحد: لبنان اللبناني. فأين أقلامكم؟
أقلامكم تزرع الثقة في الشّعب أكثر، وتقوّي إيمانه أكثر بما من أجله بغضب ويثور وينتفض ويتظاهر ويعتصم ويَطلب ويُطالب ويتشبّث ويعنف ويرفع الصوت إلى أعلى سقف بلغه صوت نقي نظيف طاهر صادق.
الثورة الفرنسية لم يصنعها السياسيون بل أهلُ القلم، ولم يؤجِّجها السياسيون بل أهلُ القلم، واليوم غاب سياسيوها (إلاّ بعضُ من تشرّفوا بدخول كتابات أهل القلم) وبقي أهل القلم خالدين، نصوصهم مرجعٌ لنا، وواحدة دراسة ومراجعة، ومصدر أدب وعلم اجتماع وعلم سياسة.
أقلامكم، يا أهل القلم اللبنانيين، اليوم دورها وصوتها وفعاليتها ونبضها وصرختها وأثرها وتأثيرها. فاكتبوا واشحنوا شعبنا بالحقيقة، كي يقوى شعبنا بإعلاء صوته في سبيل الحقيقة اللبنانية التي اعترف لنا بها العالم وما زال عندنا البعض من “بيت بو سياسة” يغرزون رؤوسهم في الرمال ويقولون إن الحق معهم وليس من يراهم في غيّهم ورملهم وعماهم.
أقلامكم وانهالوا بها سياطاً من نار على المستزلمين والمستسلمين، على سياسيين يوضاسيين لا يهجرون بالحقيقة اللبنانية كي يُرضوا أسيادهم ويحافظوا على مواقعهم ومصالحهم ومستقبلهم السياسي لو اقتضاهم ذلك سفح كرامتهم.
أقلامكم واصرخوا بها لبنان. جميعكم. المؤمنون بلبنانية لبنان والمؤمنون بعروبة لبنان والمؤمنون بالأُمَميّات المؤمنون بالقوميات اللبنانية والسورية والعربية. جميعكم. سوف يكون لكم وقت لتعودوا إلى مواقعكم الإيديولوجية كما ترغبون. إنما اليوم جميعُها مش وقتها. لا وقت إلاّ لإنقاذ لبنان من فساد الداخل، كل فساد، وبراثنِ الخارج، كل الخارج. لا تلعنوا الهيكل لأنه هيكلنا جميعنا بل فالعنوا بين خادمي الهيكل قَيَايِينه وطروادييه ويوضاسييه وبطارسته عند صياح الضمير.
أقلامكم واحموا بها لبنان. كل إيديولوجيات العالم لا تساوي زيتونة مباركة في الجبل، ولا حبة رمل من شاطئ لبنان، ولا خيمة أمان تحت سماء لبنان. فاحفظوا لبنان وحافظوا عليه لأنكم بدونه عُراة ولو لبستم جميع المستعارات.
أقلامكم وادعموا بها شعب لبنان الذي تلاقى اليوم وتصالَح ويهتف للبنان الأرض والأهل والوطن. لبنان قبل كل شيء. لبنان قبلنا جميعاً. ماذا نحن من دونه؟ واحتُنا هو وملجانا. أُتركوا انتماءاتكم السياسية والحزبية والفئوية والمذهبية. جميع أحزاب العالم لا تساوي طمأنينة في بيت لبناني.
أقلامكم… أقلامكم… اليوم وقتُها، أو فاكسروها وانتظروا على أرصفة عقوقكم قطاراً يمر فيشحنكم متسولّي وطن كان أمانَكم ولم تعرفوا كيف تحافظون عليه.