هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

345: سيّدة لبنانية في الحُكم

السبت 21 شباط 2004
– 5 4 3 –
– وَلَو !!! من قلّة الرجال؟
ويفتل الرجل شواربَهم، ويرفعون أصواتهم، ويلوّحون بسبحاتهم، ويستخدمون جميع مظاهر الرجولة الفولكلورية جواباً “صارماً” عن أية مُحاولة لامرأة من مُحيطهم تعلن عن رغبتها في الترشُّح لِمنصب “ذكوري”.
كم مضحكٌ هذا التصرُّف، في مُجتمعٍ يصرُّ على ذكوريته واستمرار الإيغال في اعتبار الْمرأة “تابعة”.
قد يكون هذا منطقاً معلناً في الريف أو الجبال أو القرى، لكنه في الْمدينة مضمر هامس، إلاّ حين تكون الْمرأة ذات نفوذ أو آتية من وسط ذي نفوذ، وعندئذ يذهبُ الناس الى صندوق الاقتراع يُدْلُون بصوتِهم لَها كرمى لنفوذها الشخصي أو مصادر نفوذها، فإذا أثبتت حضورها الساطع يعودون الى الاقتراع لَها عن قناعة.
ما قام به الْمجلس النسائي اللبناني منذ تأسيسه (قبل خمسين عاماً) مع الرعيل النسائي الْمبارك، وحتى اليوم بإدارته الناشطة الحالية، يصبُّ في هذا الْمنحى، ويعمل – هدفاً أول له في جَميع تَحرُّكاته – على سلخ الـ”كوتا” شرعياً وقانونياً ودستورياً لِحصة الْمرأة في السلطة الْمحلية (الْمجالس البلدية والاختيارية) أو في السلطة الْمركزية (الْمجالس النيابية والحقائب الحكومية)، بعد نَجاحها الساطع في الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وليس للأمر كثيرُ حاجة الى الإقناع، فالْمرأة اللبنانية أَثبتت حضورها ونَجاحها وسطوعَها في حيثما تبوَّأَت مناصب ومراكز ومسؤوليات: في السدة البرلَمانية أو في السلك الإداري أو الدبلوماسي أو الْمحلي، وفي مَجالات كثيرة تَفَوَّقت على الرجل في مُعالَجتها أموراً طارئة وحالات مستعصية. ولنا في أكثر من مديرة عامة (ولا أقول “مدير عام”) وأكثر من سفيرة (ولا أَقول “سفير”) وأكثر من مسؤولة، نَماذج وأمثلةٌ على النجاحات.
والْمؤتَمر الحالي للمجلس النسائي (الخميس والجمعة واليوم السبت) بِمعالَجته “مشاركة الْمرأة في العمل السياسي”، وبِجلساته ومَحاورها ومُحاوريْها والسيدات مُحاوراتِها (الْمحليات والعربيات) أَثبت أنه مَجلس جديرٌ بِحمل قضيّة الْمرأة اللبنانية الى الْمحافل العليا، وإيصال صوتِها الى مراجع قصوى مسؤوليةً وقراراتٍ ورجال حُكْم، حتى قال الرئيس الحريري في جلسة الافتتاح بضرورة تعيين سيّدة أو أكثر في الحكومة الْمقبلة.
ويأْتي احتفالُ الْمجلس بـ”الْمرأة اللبنانية الْمقاوِمة”، نصباً تذكارياً ليوبيله الذهبي (1953-2003) تتويْجاً لِحضور الْمرأة اللبنانية التي ظلّت تَلِدُ في الجنوب وللجنوب بطولات ترعاها وتَحضنها وتُحفِّزها حتى طهرت أرض الجنوب من دنس الاحتلال، ويبقى النصب (من تصميم وجيه نَحلة) شاهداً نبيلاً للمرأة الْمناضلة في لبنان.
الْمرأة اللبنانية لا يكفي التغني بِها شعراً ومقالات وخطباً، بل يَجب تَحفيزها لتتبوَّأَ الْمناصب الْمسؤولة (نائبةً ووزيرةً ورئيسة بلدية ومُختارة)، فتظل هي البهاء اللبناني في أنقى عناوينه، وبِها يتنافس لبنان مع دول حضارية كبرى تُشْرك الْمرأة في الْحُكْم، فيرقى الْحُكْم وترقى الْمرأة.