هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

299: صبايانا الإعلاميات في ساحات الحرب

السبت 5 نيسان 2003
– 9 9 2 –
ليس جديداً علينا بروزُ الْمرأة اللبنانية رائدةً في حقل الصحافة كتابةً وتَحريراً وتأسيس صحف.
ولا كان جديداً علينا بروزُ صبايانا اللبنانيات في إعلامنا اللبناني، مسموعِهِ والْمَرئي، ناجحاتٍ إعداداً وتقديْماً.
لكنَّ الْجديدَ الذي به نعتزّ، وبِهؤلاء الصبايا الشُّجاعات، ظهورُهُنَّ في ساحات الْمعارك بين خطر النار وخطر الدمار، واقفاتٍ أمام الكاميرا يرسلْنَ تقاريرَهُنَّ في نضجٍ واحترافٍ ومسؤوليةٍ عالية.
نَخُصُّ بينهن ثلاثَ مندوبات من تلفزيون “الْمستقبل” الى ساحات الْحرب في العراق: نَجوى قاسِم (في بغداد)، ديانا مقلّد (في شَمال العراق)، ونَجاة شرف الدين (في الكويت، وكنا تابعناها سابقاً من باكستان خلال الْحرب على أفغانستان)، الى شهير إدريس (على الْحدود الإيرانية الأفغانية). وكم يكبُرُ القلب بِهنّ (ويهلع في الوقت نفسه) حين يُطْلِلْنَ على الشاشة لنقل خبرٍ أو تقريرٍ أو آخرِ الْحاصلِ أو ريبورتاجٍ مع الْمُواطنين الْمُصابين (الى تغطياتِهنّ الكتابيَّة في جريدة “الْمستقبل”) وهذه ظاهرة كنا نألفُها من شبابنا الإعلاميين، فإذا صبايانا اليوم ينافِسْـنَهم في ولوج ساحات الْخطر.
ومن “الْمؤسسة اللبنانية للإرسال” نتابع تانيا مهنا (على الْحدود الأردنية العراقية) وكنا، قبل أشهر، نتابعها من باكستان أيام الْحرب على أفغانستان.
ظاهرةٌ جديرةٌ بالتأَمُّل والتوقُّف عندها لإلقاءِ تَحيةِ إكبارٍ واحترامٍ واعتزازٍ بِهؤلاء الصبايا الْحاملات شجاعَتَهُنَّ الشخصيةَ ومسؤولياتِهِنَّ الإعلاميةَ الى ساحات الْخطر الْحقيقي، لا يعرفْنَ راحةً آمنة، ولا نوماً هانئاً، ولا فرصةَ التقاط أنفاس، لأن الْحربَ دائرةٌ والْخبرَ مرجَّحٌ كُلَّ لَحظة، والتطوُّرات العسكرية تفرض اليقظة الْمستمرة.
هؤلاء الصبايا اللبنانيات يقفْنَ في مستوى واحد من الاحتراف العالي مع زميلاتِهِنَّ الصبايا والسيِّدات في الفضائيات العربيات والعالَميات، ويُسَجِّلْنَ للإعلام اللبناني علامةً ناصعةً يشاركُهُنّ بِها فريقُ العمل التقنِيُّ الْميدانِيُّ وراء الكاميرا.
هذا الكلامُ على صبايانا هناك، في ساحاتِ الْمعاركِ والْخطرِ والْموت، لا يُقَلِّلُ من تَحيَّتِنا لصبايانا الإعلاميات اللبنانيات هنا، في مَحطاتِنا الفضائية، يَسْهَرْنَ بدون كَلَل، لا ليلَ عندَهُنَّ ولا نَهار، يَعمَلْنَ جاهداتٍ أمام الكاميرا في نشرات الأخبار، أو وراء الكاميرا في تَهيئة النشرات أو التقاط الأخبار أو متابعة آخر التطورات أو في غُرَف الْمونتاج.
وما يُقال في الإعلام الْمرئي ليس أقلَّ منه في الْمسموع. ولنا في الإِعلام الإذاعيِّ اليومَ مثالٌ نابضٌ لافتٌ مع “وردة” إعلامياتِنا في “صوت لبنان” وهي حاضرةٌ ناطرةٌ دائِماً في برنامَجَيها الأسبوعِيَّيْن “صالون السبت” و”الْمجالس بالأمانات” (الأحد)، دائماً حاضرة السؤال، “طازجة” الْمتابعة، تظلُّ تتابعُ آخرَ خبَرٍ حتى لَحظةِ دخولِها الستوديو فيخشى ضيفُها أن يأتيها بدون اطِّلاعه هو أيضاً على آخر خبَر. وليس أدلَّ على جهوزيّتها الْحاضرة دائِماً من إيقافها (مؤقّتاً؟‍‍) برنامَجَها الصباحي اليومي الناجح جداً “مش كلنا ولاد بيروت” والاستعاضة عنه بـ”رأْي سياسي” صباحيّ يوميّ تُحاور فيه سياسيين وخبراء ومثقفين حول الوضع الساخن في العراق، وفي هذا ما فيه من احترافيةٍ عاليةٍ تتمتّعُ بِها هذه الإعلامية اللبنانية التي أَصبحَت في وَسَطِنا الإعلاميّ والصحافِيّ الْجامعي نَموذجاً للسيِّدة اللبنانية الرائدة في الإعلام.
بلى، هي ذي الْمرأةُ اللبنانيةُ، أيضاً وأيضاً، وفي أقسى لَحظات الصعوبة والْخطر، تُثبِتُ أنّها حفيدةُ رائدات الصحافة اللبنانيات اللواتي أسَّسْنَ للصحافة في لبنان والعالَم مَجداً حقيقياً تُكْمِلُهُ اليومَ صبايانا وسيِّداتُنا الإعلامياتُ ويَسْتَحْقِقْنَ فعلاً أنْ تَدخُلَ أسْماؤهُنَّ في ذاكرةِ الإعلامِ اللبنانِيِّ الناصعِ يوم يَنكَتِبُ تاريْخه البَهِيّ.