هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

274: في مؤسسات الإمام الصدر

السبت 12 تشرين الأول
– 274 –
لا تَكتمل زيارة صور بدون زيارة مُجَمَّع مؤسسات الإمام الصدر. ولا تَخرج من زيارتِها إلاَّ بالتضرع الى الله أن يَحفظ القيّمين على هذه الْمؤسسات التي تَحتضن من أطفالنا وأولادنا ويتامانا ما ينحنِي له الْجبين شكراناً.
فعلى هدي “السيد” الذي قال: “إن القيام بالأعمال الاجتماعية، وإنشاء الْمؤسسات التربوية والْمهنية، جُزْءٌ من رسالَتي الدينية”، قامت مؤسسات الإمام الصدر تؤدي خدماتِها الاجتماعية والْخيرية والتنموية والطبية والرعائية والثقافية، وتنشئ جيلاً متنوّراً تعي شبيبتُهُ واجباتِها الوطنية والعائلية، ويفتح صغارُهُ عيونَهم على حنان “ماما رباب” – السيدة رباب الصدر شرف الدين – التي تكرس لـ”الْمؤسسات” وقتها وعمرها وجهدها وكل التطلُّعات.
وتكتمل الصورة بالْحس الوطني، لأن الْحدس الديني فيه نبضٌ الى الوطن الْمتصالِح، على هدي “السيد” الذي قال: “إذا سقطَت تَجربةُ لبنان، أظلَمَت الْحضارة الإنسانية”، وقال: “التعايش اللبناني- وهو أقدم من الْميثاق الوطني- أمانةٌ عالَـميّةٌ في أعناق اللبنانيين، وهو ميزة لبنان الْخاصة”، وكما في صرخةٍ رؤيوية نودّ لو نوزّعُها اليوم على أصحاب القرار السياسي لبنانيين وعرباً وأجانب، قال: “لبنان ضرورةٌ حضاريةٌ للعالَم، نتَمَسَّك بِوحدتِهِ ونصون كيانه واستقلاله” (“النهار”- 18/1/1977).
وحدها هذه الْمقولة الأخيرة، وحدها، لو نشأَ عليها تلامذة مؤسسات الإمام الصدر، لَكَفَتْهُم شرف الانتماء الى هذه الْمؤسسات والى لبنان الوطن الْحضاري. فوطنٌ ينشأ أبناؤُهُ على هذا الْمبدأ، لا يُمكن بعده أن يفرق بين أبنائه غاصب ولا عدو ولا يوضاسي ولا فرّيسي من أي نوع.
في مؤسسات الإمام الصدر، رأيتُ فرحاً في عيون الصغيرات، وارتياحاً في عيون الصبايا، وهناءة ضمير في عيون الْمسؤولات. ومن تَجوالي على أقسام “الْمؤسسات”، لَمستُ ما فيها من عمل مؤسساتي علمي منظّم، يعاون فيه جهازٌ مندفع من الْمجتمع الأهلي الْمؤمن برسالة “الْمؤسسات” وما ينجم عن رعايتها صغارنا من خير عميم.
فبين برنامج الرعاية الْمستدامة، ودار الْحضانة، والتعليم الأساسي، والتربية الْمختصة، وجناح التمريض والتدريب الْمهني الْمعجّل وخدمة الْمستوصفات ومركز الأبْحاث ومعمل تَجميع الْحليب وتصنيعه، وسائر الْخدمات الاجتماعية والثقافية وأنشطة متتالية تَجعل جو الْمجمّع عالَماً مصغراً يُحاول نوعاً من الاكتفاء الذاتي قبل تطلعه الى خدمات مستحدثة خارجه، تنهض “مؤسسات الإمام الصدر” الى عمل رعائي جبار يهيِّئُ جيلاً لبنانياً جديداً متمكِّناً من مَهَاراته وقُدراته وطاقاته التنموية والاجتماعية والصحية.
وبين مُجمّع “الْمؤسسات” في صور، و”مركز الإمام الصدر لـلأبْحاث والتوثيق” في بيروت، وما يصدر عنه من مؤتَمرات (“كلمة سواء”) وإصدارات وأعمال توثيقية،… نكبر ويكبر لبنان بواحة علمية اجتماعية رائدة، كان حتماً يَحدس لـلبنان بِها وبِمثْلِها الإمامُ الْمغيَّب حين قال قبل ربع قرن: “على القرن الْمقبل أن يوجد أفضل الصيغ لاحترام الْحضارات والثقافات، ولِخلق تفاعل بينها تامٍ متكافئ.