هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

244: “مئة” سعيد عقل

22 آذار 2002
– 244 –
ليلتَها قال متروبوليت بيْروت الياس عودة: “طاردَني هذا الْجميلُ النفْس بِحُبّه، راغباً أن يكرّمني وأنا لا أستحق” (…) “هذا الذي اتّخذ الكلمة مقراً له، أَسَرَني بِمحبته، وَجَذَبَنِي لا لأتكرّم منه، بل لأُكرّم أنا قلباً كبيراً أخذ على عاتقه أن يَجعل من لبنان كلمةً وعلْماً ونوراً”.
وليلتها قال الشاعر سهيل مطر: “الكبيْر لا يبحث عن مَجد، بل الْمجد يبحث عنه كي يُتَوِّجَهُ مَلِكاً. أعظمُ ما في سعيد عقل أنَّ ثَمانين بالْمئة مِمَّن نالوا جائزته، لَم يكن يعرفهم إلا يوم سلَّمَهم جائزته مرصعة بالْمحبة والكرم. وأجْمل ما فيه، سعيد عقل، أنه لا يزال يراهن على الْمستقبل ويَحلم”.
ليلتها كان موعد تسليم الْجائزة الْمئة الى متروبوليت بيروت الياس عودة على “كلمات ملكات” اتسمت بالْجرأة والشجاعة، وكان الْموعد نفسه تكريْماً من جامعة سيدة اللويزة للمئة الذين نالوا الْجائزة.
ليلتها كنا متحلّقيْن حوله، وهو بابتسامته الأبوية يرنو الى كل واحد منا بغبطةِ مَن اهتدى الى 100 لبناني يعملون في رسالة لبنان، وعلى صدورهم شارة “الكلمة الْملكة” كمن يَحملون عليها شرف الانتماء الى لبنان.
أعرف سعيد عقل شاعر الفرح. أعرفه شاعر الْمحبة والعطاء والغيرية والسماح. لكنني لَم أعرفه بِهذا الإشراق على وجه ينضح بالسعادة، كما كان وجهه تلك الليلة في جامعة سيدة اللويزة، وهو بيْن مئة مِمن لا ينفك يردد لَهم (كل أُسبوع وفي كل مَحفل) أن جائزته (مليون ليْرة أسبوعياً) ضئيلةٌ على مستحقّيها، وأنه ينوي إنشاء جائزة أكبر في وقت قريب.
“ضئيلة”… يقولُها بكل قناعة! يعني أن الذي دفع حتى اليوم 100 مليون ليرة، يَجدُها “ضئيلة”، هو الشاعر الذي لا مورد له إلاّ قلمه، ولا مصدر رزق سوى مؤلفاته ومُحاضراته وأمسياته وأحاديثه الإذاعية والتلفزيونية. ومن هذا الْمورد الوحيد خصص 100 مليون ليرة حتى اليوم وزّعها جائزةً على من قاموا بفعل جَميل تِجاه لبنان.
هؤلاء الذين يتشدّقون بِحُب لبنان (السياسيون ورجال الْمال والأعمال والوجهاء الباحثون عن أضواء كاميرات التلفزيون ليملأوا وقت الناس بِهباء الكلام) ألا يَخجلون إزاء 100 مليون ليرة دفعها شاعر على اسم الذين يعملون لرسالة لبنان؟
وبكل مَحبة دفعها. وبكل أبوّةٍ وحنان، لا سائلاً عن مقابل ولا عن بديل. كل هَمه أن يتكاثر الذين يكتبون “الكلمة الْملكة” التي تتوّج جَمال الْحب في لبنان.
ليلتها، دار القول على تأْليف “أكاديْميا الكلمة الْملكة” تَضُمُّ الذين نالوا جائزة سعيد عقل، ليزدادوا واحداً كل أسبوع، حتى تظل “عائلة سعيد عقل” الْجمالية متنامية ما دام هو، يا أمدّ الله بعمره، يرفدها بِحنانه اللبناني.
ليلتها، ونَحن نصافِحه مودِّعيْن، كنا نستَمِدُّ الرفعة من جبينه العالِي، ونتعلّم العطاء من تلك الكف التي صافَحناها فبادلَتْنا تَحية الوفاء، والتشجيع على مزيدٍ من العمل لتَحقيق رسالة لبنان.