هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

224: كوتا المرأة في التعيينات

25 تشرين الأول 2001
– 224-
حرص المسؤولون في الأيام الأخيرة على التصريح أن التعيينات الإدارية (للفئة الأولى تحديداً) موضوعة “على نار حامية”، وإن مراسيمها وقراراتها ستصدر “في سلة واحدة” بحسب التعبير الصحافي المتداول.
كما يحرصون- عافاهم الله وجزاهم عظيم أتعابهم- على التأكيد أن في التداول أسماء لا تجمع بينها سوى الكفاءة والنزاهة والخبرة، ولا يؤخّر صدور مراسيمها وقراراتها أي خلاف حول المحاصصة (لا سمح الله) أو التوزيع الطائفي (لا سمح الله أيضاً وأيضاً) أو التوزيع الديني والسياسي والمناطق (لا سمح الله إلى الأبد).
نحب أن نكون ساذجين فنقتنع بأن ليس في الأمر محاصصة سياسية ولا مذهبية ولا طائفية ولا مناطقية ولا محسوبية (!؟). ونتجاوز هذا الأمر إلى “محاصصة” من نوع آخر: المرأة. ونسأل بلهجة هي بين الغضب والقرف: “يا حضرات المسؤولين: أين المرأة اللبنانية في كوتاتكم؟” ولماذا علينا، في هذا المجتمع الذكوري الوقح، أن نعمد دوماً إلى التذكير بهذا الأمر المفترض به أن يكون بديهياً وتلقائياً ومن دون اعتراضات أصحاب الشنبات والنفوذ؟
عن آخر الإحصاءات أن السيّدات اللبنانيات في الفئة الأولى هن: السيدة نعمت كنعان (المديرة العامة لا “المدير العام”- لوزارة الشؤون الاجتماعية) والسيدة مارال سولاك توتليان (المديرة العامة- لا “المدير العام”- لإدارة الإحصاء المركزي)، والسيدة ليلى شهاب (السفيرة في باكستان)، والسيدة إنعام عسيران (رئيسة البعثة القنصلية برتبة سفيرة في ميلانو)، والسيدة سميرة الضاهر (سفيرة باللقب في قبرص)، وكانت عندنا السيدة عائشة سلطان (سفيرة في باكستان، وأحيلت على التقاعد). وعندنا سيدتان بالإنابة في مديريتين عامتين: إلهام حب الله (وزارة السياحة) وآنياس غصن (وزارة الصناعة)، وكانت السيدة نجاة راشد مديرة عامة بالوكالة في وزارة التعاونيات طوال ثلاث سنوات وتتقاضى راتب مدير عام كامل الرجولة والأوصاف، ثم بسحر ساحر ويا سبحان الله، أعيدت إلى الفئة الثانية لأنها خلال خدمتها في الفئة الأولى لم تشأ أن تنصاع لوساطات “بيت بو سياسة” معها لخدمة أزلامهم.
وتشير الإحصاءات نفسها إلى وجود 54 امرأة حالياً في الفئة الثانية، وفي وزارات ومؤسسات قاموس مجلس الخدمة المدنية، للترفع إلى الفئة الأولى.
فهل يجرؤ المسؤولون على خطوة ترضي الكفاءة النسائية عندنا (والمرأة إجمالاً أقل تعرضاً للفساد الإداري والسياسي من الرجل) فيختارون من الجاهزات للترفع إلى الفئة الأولى عينة ذهبية في هذه “السلة العبقرية” الموعودة، والواعدة بأنها “خارج المحاصصة والكوتا السياسية والمذهبية والطائفية والمناطقية؟” وهل تعطينا التعيينات الجديدة نسمة أمل بخروجنا فعلاً وميدانياً من دولة القبيلة والمزرعة والمحسوبية والأزلام، إلى “دولة القانون والمؤسسات” التي وعدنا بها رئيس الجمهورية ولا ينفك يعمل لها ويدعو إليها ويبشّر بها؟
إنها فرصة الدولة أن تكون “دولة”، وإلا نكون، من عهد إلى عهد، نفلح البحر وننتظر الحصاد.