هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

172: يا وزير الثقافة الآتي

الخميس 26 تشرين الأول 2000
– 172 –
لأننا نعلم، من متابعتنا اليومية وتعاطينا المقرّب، ما استطاعت وزارة الثقافة إنجازه في العامين الماضيين (من تحقيق 1173 نشاطاً خلال “بيروت عاصمة ثقافية 1999″، إلى اعتماد الترقيم الدولي للكتاب، إلى تنظيم معرض المحفوظات الوطنية، إلى ترميم المكتبة الوطنية وإعادة إحيائها، إلى إطلاق المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل، إلى ترميم فافتتاح المتحف الوطني، إلى تحضير السنة الفرنكوفونية المقبلة، إلى تأسيس المكتبة السينمائية الوطنية، إلى إطلاق الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية- هذا المشروع الذي حمله باليد النائب محمد يوسف بيضون وراح يلاحقه من مرجع إلى مرجع ولم يكن يعلم أنه حين يتحقق سيكون هو وزير الثقافة-، إلى تأسيس ستوديو المرئي والمسموع في الوزارة، إلى احتفالات تكريم متفوقين لبنانيين، وسواها وسواها…
ولأننا نفهم لماذا (بسبب الموازنة الضحلة التي لم تعطِ الوزارة إلاّها) لم يتم ما كان يمكن أن يتم أو ما كان يرغب المثقفون أن تحققه الوزارة من مشاريع ونشطات وإنجازات…
ولأننا نريد بكل وعي وضمير ومسؤولية أن ننظر إلى دائرة الضوء التي إنارتها الوزارة ونشيح عن دائرة الظلمة التي لم تستطع إنارتها، وأن نفي بشعور الوفاء وصدق النوايا جهود وزيرها محمد يوسف بيضون ومديرها العام السابق محمد ماضي، وتحضيرات مديرها العام الحالي عمر حلبلب، وفريق العمل فيها بكل طاقاته وإمكاناته المتاحة…
ولكل هذا ولسواه، نتطلع إليك يا وزير الثقافة الآتي.
وفي تطلعنا إليك قلق عليك، وأيدينا على قلوبنا. فهذه وزارة، رغم حداثة عهدها، خليقة بأن تكون عروس الوزارات، لأن إنجازاتها على لبنان في الخارج بما لا تستطيعه أية وزارة أخرى. ولأنها حين تتعاطى حقاً مع أعلام الثقافة فتكرمهم أو تدعمهم أو تساعدهم أو تساهم في تحقيق نتاجهم، يخرج النتاج الثقافي إلى العالم بمنشوراته ومعارضه ومسرحياته وأعماله الموسيقية وندواته ومنبرياته، فيروح يدور في العالم سفيراً حقيقياً ناصعاً للبنان الحقيقي، وقد يقطف جوائز دولية كبرى تضع لبنان على خريطة العالم الثقافية في أبهى صورة للبنان، بعيداً وخارجاً عما يدور داخل لبنان من مشاحنات وعنعنات وتجاذبات سياسية محلية ضيقة تخرج على شاشة الفضائيات فنخجل منا في العالم.
يا وزير الثقافة الآتي: لأننا نعرف أية أهمية تكتسب وزارة الثقافة حين يتولاّها من ينجز فيها منارات ثقافية للبنان، ولأننا نخاف أن تذهب حقيبتها “تنفيعة” سياسية (لكثرة ما يشاع اليوم أن المطلوب في الفترة الراهنة “حكومة سياسية تحقق الوفاق الوطني وترضي التمثيل الصحيح” بالمذاهب والمناطق والطوائف والكتل النيابية الجزيلة الاحترام، وجميع الشروط والمواصفات إلاّ كفاءة الاختصاص) قلنا إننا نتطلع إليك ونقلق عليك.
فإما أن تأتي إلى الوزارة حاملاً مشروعاً ثقافياً نتبناه ونخاصرك ونصافحك لتنفيذه، وإما أن تأتي وليد مخاض كوتا ومحاصصة ومحسوبية، وعندها: العوض بسلامتك وسلامتنا وسلامة الثقافة في لبنان الآتي… يا وزير الثقافة الآتي.