هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

126: لِما لا نُهدي كتباً ولوحات لبنانية؟

السبت 11 كانون الأول 1999
– 126 –
مع اقتراب موسم الأعياد، تتكاثر الإعلانات التجارية المبهرجة عن الهدايا التي يغري بها التجار زبائنهم كي يقتنوها ليقدموها في الأعياد.
الأمر طبيعي وشرعي لمن يحبون أن يهدوا في الأعياد زجاجيات أو أزهار أو ربطات عنق أو عطوراً أو حلويات أو مآكل أو كحولاً أو ثياباً أو ألعاباً، وجميعها مصحوبة ببطاقات معايدة تذكارية، للاحتفاظ بها بعد أن تبذل الهدية أو “تعتق” أو تصبح بضاعة معروضة جامدة لا عودة إليها ولا نفع يرجى.
لا نلوم هذه الظاهرة، فهي حاجة في كل عيد. لكننا نتطلع إلى ما هو أرقى وأبقى وأكثر فائدة للطرفين (المهدى إليه والمشتري منه)، ألا وهي هدية الكتاب أو اللوحة.
فماذا لو أهدينا في هذه الأعياد الآتية إلينا كتباً ولوحات أو منحوتات فنية لفنانين لبنانيين؟
لماذا نحمل إلى أصدقائنا هدية باردة ملفوفة بروقة جذابة، ولا نقدم إليهم في الورقة الجذابة نفسها كتاباً لمؤلف لبناني، أو مجموعة مؤلفات أديب أو شاعر لبناني، أو لوحة متوسطة الحجم لرسام لبناني، أو منحوتة ملمومة الحجم لنحات لبناني؟
لماذا لا نقوم بهذه الخطوة “الشجاعة” و”المفيدة” معاً، فنجعلها تقليداً يستفيد منه المهدى إليه، ويستفيد المؤلف أو النحات أو الرسام المشترى منه؟ أفحتم على المؤلف أو الفنان أن يهدي أعماله إلى أصدقائه، فيما تضجر كتبه على رفوف المكتبة أو تتثاءب أعماله في الغاليري أو في محترفه؟
لماذا لا نهدي إلى أصدقائنا في الأعياد مجموعة بطاقات لحضور مسرحية تلعب خلال فترة الأعياد، أو إيصالاً باشتراك سنوي في مجلة لبنانية، أو نصف اشتراك سنوي مثلاً في صحيفة لبنانية، أو بعض اشتراك في موسوعة لبنانية، أو بطاقات لزيارة مكان أثري أو سياحي لبناني؟
لماذا لا نهدي أولاد أصدقائنا مجموعة كتب أطفال من مؤلفين لبنانيين هو اليوم بين الأبرع في المنطقة في الكتابة للأطفال والرسوم للأطفال، لدى ناشرين لبنانيين رائعي الإخراج والطباعة؟
لماذا يبقى الفنان أو المؤلف تحت رحمة المكتبة أو الغاليري فيما شراء الهدايا في الأعياد يصل إلى مئات آلاف من الدولارات لا يصل المؤلف منها أو الفنان أي قرش، حتى ييأس ويشعر بالإحباط؟
عادة حضارية جديدة فلنبدأ باتباعها، وتقليد جديد فلنبدأ بتعميمه. إن بيروت اليوم تعج بمعارض الكتب والمعارض التشكيلية. فلنبادر إليها حتى تشمل الدورة الاقتصادية المبدعين اللبنانيين كذلك، فلا تظل الثقافة في لبنان عبر نتاجها الإبداعي هامشاً على طرف الحياة اليومية اللبنانية.