هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

124: موهبة جديدة في مسرح بيروت

الثلاثاء 30 تشرين الثاني 1999
– 124 –
بعد أعمال أعمال موريس معلوف وفائق حميصي الإيمانية، وتوقفهما عن المسرح الإيمائي منذ فترة، خلنا أم مسرحنا اللبناني أضاع هذا الفن الرائع الراقي الذي، من حظه، أنه لا يحتاج إلى لغة أو ترجمة لنصوصه، لأن لغته- كالموسيقى، كالرسم، كالنحت، كالرقص- عالمية لكل مكان وزمان.
إلى أن كانت أمسية مفاجئة بعالي احترافها، على خشبة مسرح بيروت- عين المريسة.
ميرنا الحارس (27 سنة) مخرجة موهوبة وممثلة محترفة، تعود إلينا من باريس، حاملة شهادة “مدرسة مارسيل مارسو الدولية للدراما الإيمائية” (على اسم رائد المسرح الإيمائي العالمي مارسيل مارسو)، وتجربة غنية من مزاولتها فترة تجريبية في مسرح الـ”كوميديا ديلارتي” الإيطالي، لتقدم إلينا مسرحية إيمائية من فصل واحد ذات اسم ذكي: “أوسارتونز” (دامجة كلمتي: “أوسكار” – بطل المسرحية، و”كارتونز”- بالإنكليزية: الصور المتحركة).
وفي قصة طريفة (من 70 دقيقة) تروي ما يمر في حلم أوسكار من مغامرات مع شخصيات صور متحركة، رسمت ميرنا الحارس بأجساد ممثليها وممثلاتها قصصاً، بطلاتها: ثلاث ضفادع، وقطة، وثلاث سمكات، وفأرتان، وسلحفتان، وثلاث ذبابات، و… ودرة، وبرهنت في إخراجها وتصميمها الشخصيات عل قدرة بارعة في تشخيص الإيماء إلى حده الأقصى من الوضوح.
ساعدها على تنفيذ براعاتها السينوغرافية والإخراجية فريق تمثيل ممتاز من هاغوب درغوغاسيان (مساعد مخرج، ومصمم إضاءة، وهو تلميذها في معهد الدراسات المسرحية والسمعية/البصرية جامعة القديس يوسف)، وشيرين دبس (تلميذتها كذلك وتهيئ بإشرافها ديبلوم الدراسات العليا)، إلى فلافيا أوديـبـيـر وديانا كافالييري (خريجتي مدرسة مارسيل مارسو، وجاءتا إلى لبنان خصيصاً للاشتراك بهذه المسرحية).
بهندسة مسرحية متقنة ودراسة دقيقة للشخصيات: تحركاً، وإيماءً، وإيحاءً، ورقصاً، وبديكور ذكي عملي، واستخدام لوسائط المسرح حتى حدّها الأقصى، تمكنت ميرنا الحارس (تلميذة روجيه عساف وجلال خوري في لبنان قبل فرنسا) من تقديم عمل ممتاز كأي عمل آخر لأي محترف كبير.
عند باب المسرح، وأنا أهنئ ميرنا، كان في عينيها حزن وعتب: “أين الصحافة التي دعوتها فلم تأت؟ أضروري أن أكون ذات اسم كبير حتى تأتي؟”.
أحزنني عتبها. وكيف البراعم الصغيرة تصبح “إسماً كبيراً؟ إن لم نشجع بداياتها الناجحة؟
أيّها الزملاء: عرّجوا على مسرح بيروت، ففيه موهبة مبرعمة ستصبح يوماً… “إسماً كبيراً”.