هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

100: رمي الزبالة من نوافذ السيارات النظيفة

الخميس 27 أيار 1999
– 100 –
تكون السيارة أمامك نظيفة، لمّاعة، تسير وفق قانون السير وتحديد السرعة، وكل ما بها يوحي “مستوى” صاحبها أو ركابها. وفجأة، ينفتح منها شباك، وتنقذف منه إلى الشارع قشرة موز أو قنينة مياه معدنية فارغة، أو قبضة نفايات ملفوفة بمحرمة ورقية.
وربما تكون السيارة عادية- غير “رسمية” المظهر أو أريستوقراطية الطابع- سيارة شعبية أو سيارة أجرة أو سيارة تاكسي، وتسير أمامك مسافة غير قصيرة، وطوال المسافة يتناثر منها ما يقزز منك النفس والمشاعر، ويثير فيك السخط والغضب على مواطنين بلا تربية ولا تهذيب ولا حسن مدني، يلقون بقرفهم من نافذة السيارة، بكل وقاحة، حتّى تمتلئ الطرقات، والأوتوسترادات تحديداً، من هذه الزبالة التي لا يتفضل أصحابها بلقائها في سياراتهم حتّى يصلوا، ولا يرمونها في المستوعبات المخصصة للزبالة على نواصي الطرقات.
وليس من عذر في ما يفعلون. والأنكى أنهم لا يأبهون لمن ينظر إليهم شرزاً حين يتجاوزهم مبدياً اشمئزازاه من فعلتهم، بل ينعمون النظر إلى المعاتبين ويواصلون ممارسة “أخلاقهم” فيرمون الأكياس والقشر وباقي قرفهم من نافذة السيارة “على عينك يا مواطن”.
ليس أقرف من هذا المنظر على الطرقات العامة، ولا أقرف من الذين يفتحون نافذة سياراتهم بكل برود ويمدون يدهم بكل وقاحة، ويرمون قرفهم بلا رفة جفن.
مهم جداً ما حققته الدولة (وزارة الداخلية تحديداً) في تأمين أجهزة رادار لشرطة السير، وتحديد السرعة على الطرقات العامة والفرعية، ومتابعة القرار وتنفيذ مضمونه في حزم كما بدأ يجري فعلاً على طرقاتنا، مما يخفف عنّا مآسي رعونة بعض شبابنا وتهورهم.
ومهم جداً إن بتنا نرى في الشوارع (الكبرى والفرعية) مستوعبات للنفايات في أحجام عدة.
ولكن المهم كذلك، في زمن حزم الدولة أمرها على مختلف المستويات، أن تحزم أمرها في هذه الآفة المتخلّفة، فتعاقب بغرامة مالية قاسية (بل قاسية جداً) كل من يرمي نفاياته من نافذة السيارة على الطريق العامة، أسوة بالدول الحضارية التي لا يجرؤ مواطن فيها أن يفعل ذلك، ارتداعاً ذاتياً في الدرجة الأولى، ثمّ خوفاً من غرامة قاسية قد تكلّفه أحياناً نصف معاشه الشهري.
وليس أشد فظاظة من مواطن يسير في سيارة نظيفة من الخارج لَمّاعة برّاقة، فيما هو وسخ بنفسيته التي تقوده إلى رمي نفاياته من نافذة… سيارته النظيفة.