هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

93: على ذكر مصطفى فرّوخ

الخميس 8 نيسان 1999
– 93 –
في ثلاث مناسبات متتالية، شهدتُ وزير الصحّة الدكتور كرم كرم يكرّم ضيوفاً ثلاثة (وزيرة الصحّة الأميركية دونا شلالا، وزيرة الصحّة الإيطالية روزاريا بندي، رئيس جهاز مستشفى سانت جود الأميرك ديك شدياق) في نهاية مأدبة العشاء على شرفهم فيقدّم إليهم ألبوماً خاصاً من نسخ مطبوعة لأعمال كبيرنا مصطفى فرّوخ. وفي المناسبات الثلاث، كنتُ شاهداً على دهشة الضيوف الثلاثة، وهم يفتحون الألبوم ويشهقون لروعة فن فرّوخنا العظيم.
البادرة نبيلة من الوزير كرم، حبّذا لو يقتدي بها سائر الوزراء والنوّاب والسياسيين، فيكرّمون ضيوفهم بتقديم أعمال من فنانينا اللبنانيين، ويصيبون بذلك هدفين ساميين: تكريم ضيوفهم على أعلى مستوى، وتشجيع الفنان اللبناني الذي لم يعد كافياً له، تسويقاً لأعماله، أن يعلّق أعماله على جدران غاليري وينتظر “الجمهور الحبيب” أن يأتي بالمئات ليبقى منه من لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ممن يقتنون عملاً أو عملين، فيخرج الفنان بخيبة مرّة وخسارة مريرة.
فمبروك لكبيرنا فرّوخ نبل الوزير كرم كرم في تقديم أعمال الفن اللبناني إلى ضيفه.
وعلى ذكر فرّوخ، بلغني هذا الأسبوع أن ابنه هاني (المؤتمن عالياً على تراثه الثمين) حصل على فيلم نادر يعود إلى عام 1951، طوله 135 ثانية، التقطه حفيد أبو خليل القيسي (من وجهاء بيروت- منطقة رأس النبع، وكان يملك قصراً في بلدة كفرذبيان الكسروانية). في لقطة أولى ظهر ميخائيل نعيمه في الشخروب يكتب على دفتر، يجلس حدّه أبو خليل بالطربوش البيروتي. وفي لقطة ثانية ظهر نعيمه، حدّه مصطفى فرّوخ يرسم بالقلم الرصاص وجه نديم نعيمه (الدكتور اليوم والأستاذ في الجامعة الأميركية)، وإلى جانبه شقيقته مي (التي احتضنت عمّها ميخائيل في سنواته الأخيرة)، ومعهم الصحافي محمد أمين دوغان (صاحب جريدة “بيروت” عهدئذ). وينتهي الفيلم بلقطة ثالثة للجميع يمشون ويؤشرون ويتحدثون.
هذا الفيلم، ولو صامتاً، ولو في حالة غير جيدة، يبقى (على ندرة الأفلام في تلك الحقبة) وثيقة متحرّكة ثمينة عن مصطفى فرّوخ، كذاك الفيلم القصير الذي التقطه الناشر الأميركي ألفرد كنوف سنة 1929 خلال حفلة كوكتيل في نيويورك، وظهر فيه جبران 29 ثانية يدخّن ويؤشّر بيديه. وهو الوثيقة الحيّة المتحرّكة الوحيدة عن جبراننا العالمي.
مكتبتنا الوطنية العائدة، فلـ”تلقِ القبض” على هاتين الوثيقتين، علامتين لنا في الزمان.