هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

89: المثلّث الأدهى

السبت 13 آذار 1999
– 89 –
الكلمة الثائرة التي ألقتها الكاتبة الكويتية ليلى العثمان في رأس المتن (“جمعية التعاضد المكارمي” مدعوة من “الجمعيات النسائية في المتن الأعلى” لمناسبة “يوم المرأة العالمي”) أشعلت عاصفة إيجابية جعلت القاعة تهتز للصرخة التي كأن العثمان أطلقتها باسم جميع النساء المقهورات.
تحدّثت بانفعال تاثر عن “تسوير المرأة بالحواجز السوداء حتّى يصبح البيت قبراً آخر، وزقاقاً تواصل فيه المرأة المهمات الشاقة، فتكون في أجساد عدة توزعها لمشاغل عدّة من عجن وخبز وكنس ومسح وطبخ وآلة أرنبية لتفريغ الأطفال، مرغمة على أشد أوجاع النفس: الاستسلام للأوامر الصادرة إليها، مرتعشة من تهديد الهجر في المضاجع والنفي بالطلاق، راضخة لشهوات الرجل ومتعته حتّى ولو كانت تجلب لها الغثيان”.
وتحدثت بجرأة صارخة: “حين ننزلق من بطون أمهاتنا راغبات في مصافحة الحياة، تكون المؤامرة حيكت لنا: الأمر بالإعدام ومواراة العار في مهده قبل أن تكتمل دورته الطبيعية”.
وصرخت في انتفاضة جميع النساء الشرقيات: “حين استطاعت المرأة أن تقطع أشواطاً في تحقيق المكانة الملائمة لها، رأى نفر من الرجال أنها تمادت وأسرفت في تجاوزها كثيراً من العوائق، وأنها نافست مواقع الرجال الذين وُهبت لهم المناصب جزافاً، فبدأت ضدّها حروب صغيرة راحت تتسع لتصبح اليوم حرباً ضروساً تصل إلى حرب ردّة تستهدف وأد المرأة من جديد”.
وأعلنت ليلى العثمان في كلمتها صرخات أخرى، أقوى وأعنف، أشعلت في القاعة آهات من شعرن أنها تحدثت باسمهنّ، اللواتي لا يستطعن إطلاق صرخاتهن بهذه العلنية الثائرة.
و”هن” لا تعني الحاضرات وحسب بل كلّ امرأة في هذا الشرق مكتوب عليها أن “تنصاع”، أن “تطيع”، أن تكون “تابعة” و”مأمورة” و”ممحوة” في مجتمع ذكوري معقود لطاووسية الرجل الفظّة.
واستدراك ليلى العثمان أنها تتحدّث عن المرأة في بلادها ومجتمعها، لا يلغي إسقاط كلامها على المجتمعات العربية (هل صحيح أن المرأة في لبنان، في “كل” لبنان، ناجية من هذا الوضع؟).
الختام الصاعق كان وضع السكين على جرح داهية فجّرت به ليلى العثمان ثورتها في الإشارة إلى نساء تقليديات في العالم العربي معاديات لمشروع امرأة القرن الحادي والعشرين: “إحذرن أيّتها النساء: إذا كانت عداوة الرجل للمرأة هي هراوة، فإن عداوة المرأة للمرأوة هي سمّ الأفعى”.
بعد ليلى، بعد، ثَمّة مثلّث من هذا السم: تزمّت أعمى، تعصّب متحجّر، و…غباء.