هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

86: … وفي الإعلام المرئي

الخميس 18 شباط 1999
– 86 –
بعد هامش زملائنا في الصحافة المكتوبة (“أزرار”-83)، وزملائنا في الإعلام المسموع (“أزرار”- 84)، هوذا اليوم هامش عن زملائنا في الإعلام المرئي.
نشيح عمّا “يرتكبه” معظمهم من أخطاء في اللغة أو الأداء أو مخارج الحروف، ونعتبر هذا من باب “فالج… لا تفلح البحر”، كما قال يوماً أبو ديانا سعيد تقي الدين.
ونذهب إلى ما هو أكثر إرهاقاً للأعصاب: ما معنى أن يقوم أحدهم (أو إحداهنّ) بمقابلة مسؤول، ثمّ لا نرى من هذا إلاّ صورته (بلا صوت) وهو يتحدّث، فيما يتولى المذيع (أو المذيعة) تلاوة نصّ التصريح أو نقاط الحديث بصوت يرافق صورة المسؤول المتمتم بلا صوت؟
إنه خطأ رئيسي في التلفزيونات، وإلاّ تحوّل هذا إلى إذاعة للسماع أمام الشاشة بدل السماع من الميكروفون… مهمّة المذيع التلفزيوني أن يطلّ ثواني قليلة، يمهّد خلالها للخبر أو للمقابلة، ويترك الحديث بعدها صورة وصوتاً للمسؤول المعني. وإذا تدخل المذيع، فبصوته فقط، ولثوان ضئيلة يربط بها فقرات الحديث بفواصل يساعد فيها المونتاج على نقل الصورة بين وقفة وأخرى من الفقرات.
خطأ آخر: تكرار الكلام نفسه بين المذيع والمسؤول، فيمهّد المذيع بكلمات من المسؤول، يعيدها المندوب أمام الكاميرا، ويترك المسؤول يكرّر، صوتاً وصورة، ما سبق تكراره مرّتين.
خطأ ثالث: التطويل. فمع وعينا المحسوبيات المعشعشة في كلّ محطّة تلفزيونية، للاعتبارات المعروفة، من الخطأ التلفزيوني ترك وجه واحد يتحدّث على الشاشة أكثر من ثوان معدودات، فيما عندنا يبقى “مسيطراً” على الشاشة دقائق طويلة لفقرات متعددة من خطابه أو حديثه أو تصريحه.
التلفزيون ومض، وومض سريع، لأنه يخاطب العين التي هي مثال الومض. ومتى علمنا أن الوقت التلفزيوني يحصى بالثواني (نأخذ الإعلان نموذجاً) بات من العيب أن يعطى الوقت بالدقائق لتصريح سياسي. هذا خطأ تلفزيوني فاضح لا يحدث إلاّ في العالم الثالث المتحكّم فيه شبح المسؤولين. ومتى علمنا أن كلينتون نفسه (حاكم العالم “عملياً) لا تخصص نشرة الأخبار التلفزيونية لتصاريحه (صوتاً وصورة) إلاّ ثواني لأبرز ما في كلامه، كي تتسع النشرة لسائر الأخبار المصوّرة، نفهم أيّ “تعتير” نحن فيه، حين تخصص “تلافيزنا” دقائق ثقيلة مطاطة لكلّ مسؤول: بمن اجتمع، وأين تحرّك، وماذا قال، فإذا بالنشرة التلفزيونية العامّة تصبح كاميرا خاصّة لأصحاب الدولة والمعالي والسعادة، يمارسون “عرضحالاتهم” أمام الكاميرا، طالما النشرة تتسع، والمشاهدون يتمتعون بـ”الصبر الجميل”.