هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

62: تجرفها نقطة ماء

الخميس 3 أيلول 1998
– 62 –
كان لـ”أزرار” الأسبوع الماضي (61) أثر أبيض لدى أصدقاء اتصلوا للثناء على الفكرة، بعدما بلغت وقاحة بعض مدّعي الفن حدا لم يعد يطاق.
وسألني أحدهم: “ألا ترى للإذاعات دوراً سلبياً في هذا الرواج الغلط؟”.
طبعاً. بل الدور الأكبر، لأسباب ترضي سمسار الإعلانات فيها، أو لنقص في ثقافة المذيعات، فيعتقدن أن هذه الموجة الراقصة الرقوصة من الأغنيات ترضي “الجمهور الحبيب” حتَّى يتصل بكل بلاهة فيطلب هذه الأغاني الفاقعة كفقاقيع الصابون سرعان ما تجرفها أوّل نقطة ماء.
هذه الظاهرة أيضاً تتطلب معالجة. فلا يجوز للمذيعات “المثقفات جداً” أن يمررن أغنيات من هذه الصرعة الساقطة القبيحة، وبينها مثلاً أغنية لفيروز أو لبعدالوهاب، فتكون مساواة في التفاهة تجعل أعمال فيروز وعبدالوهاب في سلّة الأغاني الفقاقيعية.
هذا لا يجوز. يجب تخصيص فترات معينة للأغنيات ذات المستوى، ولتبقَ الفترات الباقية للأغاني الساقطة والنغنين الساقطين والمغنيات الساقطات في بؤرة الأمية.
لا أعرف من المذيعات من تنبهت لهذه الظاهرة الدقيقة إلاّ ريما رحمة (“إذاعة لبنان الحرّ”) وهي خريجة الإعلام من جامعتنا اللبنانية (1991) ولها برامج للأطفال والكبار والسهارى، وتعطي في برامجها جرعات ثقافية مفيدة لـ”الجمهور الحبيب” غير هرقته بطلب الأغنيات التافهة.
قلت لا أعرف. وقد تكون مذيعات سواها اختططن النهج نفسه في إذاعات أخرى، بعدم خلط التافه الهابط مع المكرّس الراقي. أتَمنّى أن أعرف بهن، كي نضيء على عملهن، فنحن بتنا في حاجة قصوى إلى فصل القمح عن الزؤان، في كل قطاع، قبل أن نبدأ عهداً رئاسياً جديداً نطمح أن يكون جديداً كل ما فيه: كما ونوعاً وذوقاً فنياً وإعلامياً وأسلوباً لحياة عامة.