هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

23: بلى إنه الحبّ وهو ما أحبـّه الزعيم

الخميس 21 آب 1997
– 23 –
القائد الذي يهتف باسمه رفاقه كل تحية وكل افتتاح وكل ختام، والذي لا يكون بدء نص إلاّ باسمه، ولا نهاية نص إلاّ باسمه، بلى… إنه “أحَب”.
الزعيم الذي دهش الشاعر الكبير محمد يوسف حمود ذات يوم من كونه “ضحك مستلقياً على كرسيه حتَّى… انقشعت عنه مهابة الزعامة”، بلى… إنه “أحَب”.
الاستثنائي الذي، بكل شجاعة الرجال الرجال قال لجلاده “شكراً” قبل أن تنهال عليه رصاصات الإعدام في ذلك الفجر، بلى… إنه “أحَب”.
المثال الأعلى الذي جعل الأديب الكبير سعيد تقي الدين يقول عنه إنه بات يساوي حياته، بلى… إنه “أحَب”.
و… “أحَب”، بالهيمنة الأرقّ والأعذب، وبالنبل الذي يرقى إلى جذور فيه طالعة من مُثل وفضائل وقيم رآها في أُمّة نادى بها ودفع ملازمة للأجلها حياته.
لم يكن العاشق العنيد كنابوليون بونابرت وقف انتصاراً لحبيبته جوزفين تاشير في وجه البابا بِيُّوس السابع، ولا كأدولف هتلر جعل حبيبته إيفا براون ملازمة له حتَّى انتحارها وإياه في القبو تحت الأرض، بل حافظ على هيبة الزعامة، وانصاع لقدره حين قررت حبيبته إدفيك الذهاب مع أسرتها إلى البصرة، وكان طلبها من أُمِّها، ورغب إليها أن تكون ناموس مكتبه الخاص، ترتب له أوراقه وتتابع أعماله، وتكون رفيقة الجهاد مناضلة، ورفيقة العمر زوجة.
ومن بيروت إلى البصرة، لم يكن له من وسيلة إليها سوى ثَماني عشرة رسالة (بين 2/10/1937 و14/4/1938)، في أولادها شوق و… “ذكريات الشوير لا تفارقني، لأنَّها أجزاء من نفسي وفي نبضات قلبي”، وفي أخيرتِها العدول عن مشروع الزواج، وإنَّما “كل العواطف التي بادلتك إياها تبقى حقيقية (…) وأودّ أن تبقى صديقين، بل إني أبقى صديقاً محباً لك تحت كل الظروف”.
وبينها من الرسائل عاطفة متأججة في نبل المشاعر وطقوس العاشقين، “قبّلت مع رسالتك ورياق النرجس التي لامست أناملك وشفتيك، وتنشقت طيبها الرامز إلى طيب أنفاسك” (5/2/1938)، وبينها تغطية لنشاطه الحزبي، وبينهما غير مكان يصرخ فيه إليها “حبيبتي”، أو يدللها: “حبيبي”.
بلى… إنه “أحَب”. وبكل النبل والشيم العالية، وانصاع لمشيئة قدر شاء يحرمه من حبيبته، فانصرف إلى أغراض أمّته حتَّى استشهد في سبيل عقيدته.
“رسائل حُبّ من أنطون سعادة إلى أدفيك جريديني”، وثيقة تهديها إلينا إدفيك شيبوب شيبوب، شهادة لا على حبّها أو حبه إياها، بل على نبضة الحُبّ الكبير كيف تكون في قلوب كبار العاشقين.