هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

الحلقة 21: لأن التاكسي، أيضاً، واجهة الوطن

(الاثنين 15/3/2004)

أيضاً وأيضاً: شكراً لوزارة الداخلية على حزمها في شأْن الْمعاينة الْميكانيكية قبل دفع رسوم الْميكانيك، فهي أنقذتنا، الى حدٍّ كبير، من كساسير السيارات التي كانت تشكل خطراً على أصحابها وركابها والْمواطنين. لكنّنا لا نزال نرتطم بتلك الكساسير، ونعرف أن الوقت لم يمرّ بعد، ودورة السنة الكاملة لم تكتمل حتى نرى الفرق. غير أن ظاهرة يَجب ضبطُها خارج ضوابط آلات الْمعاينة الْميكانيكية، هي ظاهرة التاكسيات.
فيوم أمس، في جمع من الأصدقاء، كان معنا شابٌّ يَملك تاكسي في كندا، وأخبرنا كم مرةً يوقفه رجل شرطة السير، لا لِمخالفة سرعة، ولا لفحص لهاث الكحول في فمه، بل فقط لفحص نظافة السيارة. نعم. فقط لفحص نظافة السيارة: فيطلب منه فتح الصندوق، للتأكد من نظافته وترتيبه، ويطلب خلع السجادات الكاوتشوكية في الداخل للتأكد من أنها لا تُخفي اهتراءً في أرض السيارة، ويطلب التأكد من عفريت السيارة في حال انفجار دولاب، ويطلب فحص منافض السجائر إذا كانت السيارة من فئة “مَمنوع التدخين”، ويطلب التأكد من عمل أحزمة الأمان، ويطلب التأكد من قيافة السائق، نعم: قيافة السائق بلباسه وهندامه وحلاقة ذقنه، ويطلب يطلب يطلب كلَّ ما من شأْنه أن يَجعل راكب التاكسي مرتاحاً مطمئناً غير مزعوج.
فأين نَحنُ من كل هذا، ومعظم تاكسياتنا: قرفٌ في الْخارج وقرفٌ في الداخل، لا هيكل السيارة سائغ، ولا داخلها نظيف، ولا حتى السائق لائق الهندام والشكل والْمعاملة، ولا عدّاد يُظهر الْمسافة والأُجرة، فهو أحياناً لم يَحلق ذقنه، وغالباً يملأ السيارة دخاناً ولهاثَ دخان مقرفاً يُزعج الركاب ولا يسألهم، مطمئناً الى أن الدولة لن تلحقه الى هذه الدرجة وهذه التفاصيل.
بلى: التاكسي واجهة بارزة من الوطن، وسائق التاكسي أو صاحبها وجه بارزٌ من وجوه السياحة، للسياح أو للمواطنين، والْمعاملة يَجب أن تتحلى بِخلُقيةٍ تَجعل الركاب مطمئنّين الى سلامتهم، مرتاحين في تنقُّلهم، فلا يضطرون بعد ركوبهم التاكسي للشعور بالتقزُّز والتقيُّؤ، أو لإرسال ثيابهم فوراً الى… أقرب مصبغة.