هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

الحلقة 16: السيارة فخمة، وصاحبها… يا عيب الشوم

(الاثنين 8/3/3/2004)

تكون في طريقك هادئاً مسترسلاً، تصغي في سيارتك بأعصاب هادئة الى موسيقى راقية، بعيدة عن طرطقة الصحون الرائجة هذه الأيام باسم الموجة الجديدة من الأغنية الشبابية، وتتأمل أمامك سيارة فخمة سوداء لَماعة، تدلُّ على ذوق صاحبها وأناقته و… خصوصاً على نظافته.
وما هي، والطريق واسع وعريض ونظيف، حتى ترى شباك السيارة انفتح، وقفزت منه قشرة موز، أو بقية تفاحة، أو كيسُ نفاياتٍ مزدهرٌ، فيه فضلاتُ طعام ترتطم بالزفت فتنفلش على الطريق نتفاً نتفاً توسّخ الطريق.
تقترب من السيارة كي تقرف أكثر من هذا السائق الأرعن وتوبّخه، فتكشف أن السائق هو نفسه صاحب السيارة، بسيجاره الطويل، وثيابه الأنيقة، ونظاراته السوداء، وحدَّه مدامته الْمصون بكامل أناقتها الزوجية، وسيجارة طويلة وضعتها في مبسم طويل زيادةً في الأناقة.
أقل ما نقوله أمام هذا الْمنظر: يا عيب الشوم. ويا ضيعان أناقة الثياب وفخامة السيارة، أمام دناءة السلوك والتصرُّف برمي النفايات من شباك السيارة، وتوسيخ الشارع العام.
فهل يرضى هذا الْحنشليل الأنيق في السيارة، أن تقوم خادمته أو إحدى خادماته في بيته الفخم، فترمي عقب سيجارته على أرض صالونه اللماعة؟
وهل ترضى السيدة الراقية مدامته أن ترمي خادمتها بعض غبار الأرض في زاوية غرفة النوم؟
فلماذا إذاً لا يكون الْمواطن نظيفاً في الشارع كما يحرَص على نظافة بيته؟
ولِماذا هذا الْحنشليل بالذات، والسيدة مدامته ذات الصون والعفاف، لا يَجرؤان على رمي الزبائل من شباك السيارة في أية عاصمة أو مدينة من العالم حين يقومان بسياحة زوجية سعيدة؟
هنا، لا الدولة تردع ولا القانون، إن لم يكن لنا من ذاتنا رادعٌ خلقي ووازعٌ ضميريٌّ.
الدولة تتدخل عند الْمخالفة. أما الآداب والسلوك، فمن دواخلنا نَحن، وإلاّ فلسنا نستحقُّ وطناً بِجمال ما حبانا الله في وطننا لبنان.