هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“نحنا والقمر جيران”… بريشاتهم (2)
النهار العربي 194 – الجمعة 9 أيلول 2022

هنري زغيب

في الجزء الأَول من هذا المقال، عرضتُ لفنانين أُوروبيين رسموا القمر في أَعمال لهم مختلفة، بين هدوء الجلَد وهياج البحر.

في هذا الجزء الثاني الأَخير أَعرض للقمر بريشة العالِم الفلكي غاليليو، ولبضعة رسامين يابانيين رسموا القمر على طريقتهم وفق التقنية اليابانية للحفر أَو الرسم على الخشب.

فماذا عتهم؟

غاليليو فضح رومنسية القمر  

صحيح أَن القمر رمز، والرمز قابل لكل تأْويل، لكن العلْم صارم في الإِفلات من كل رؤْية رومنسية.

وفيما هو يبدو كرةً جميلة، جاء العالِم الفلَكي الإِيطالي غاليليو (1564-1642) ليغيِّر النظرة كليًّا إِلى هذا الكوكب اللطيف، بما أَوجده من نظريات فلَكية وخصوصًا بما رسَمه في مخطَّطاته التي ثبُتَتْ علْميَّتُها في تاريخ فنون الفضاء.

فسنة 1610 تناول منظاره المكبِّر (التلِسْكوب) وراح يوجهه صوب القمر، ويحلِّل حتى كتب باللاتينية نصَّه العلْمي الموثَّق “الرسول المضيْء” وفيه أَول وصف طوبوغرافي لأَرض القمر، فبات النص لاحقًا، إِلى اهتمام الفلكيين به، موضوع استلهام الرسامين كذلك.

تأْثيره على لودفيكو

النص اليوم محفوظ لدى المكتبة الوطنية المركزية في فلورنسا، ومعه سبع مائيَّات وضعهما غاليليو لمراحل سبع مفصَّلةٍ من دورة القمر، مع أَنه لم يدَّعِ يومًا امتهان الرسم. سوى أَن مائياته انعكست لاحقًا في أَعمال معاصره وصديقه الرسام الفلورنسي لودوفيكو سيغولي  (1559-1613) مع مطلع الفترة الباروكية. وهو أَول مَن رسم ما سمي في ما بعد “قمر غاليليو”، في جدرانية عند قبة كنيسة سانتا ماريا ماجيوري (روما)، أَوحى بها من خلال وجه القمر إِلى وجه العذراء النقيّ.

ومن وحي رسوم غاليليو كذلك وضع لوحة “عبادة الرعيان والقديسة كاترينا الإِسكندرية” في مغارة بيت لحم سنة  1599 (حاليًّا في متحف متروبوليتان-نيويورك). ويمكن وسْم علاقة غاليليو بالقمر أَنها مثمرة، لأَنها ساعدت بعده الرسامين وحتى العلماء على اكتشاف ما لم يكن ممكنًا اكتشافه لولا مخططاته ومائياته.

اليابان والقمر

الرسامون اليابانيون تأَثروا بأَهمية انعكاس نور القمر على الماء، خصوصًا في كنف الليل ولُطف نسيمه. وهذا ما ظهر جليًّا في أَعمالهم على الخشب في القرن التاسع عشر. وأبرزهم:

  1. أُوتاغاوى هيروشيج (1797-1858).

هو آخر عباقرة الرسم أَو الحفر على الخشب، بطريقة “أُوكِيو” التي راجت في اليابان بين القرنين السابع عشر والثامن عشر. واشتهر هيروشيج بأَعمال من وحي الطبيعة، ومنها لوحاته المحفورة للقمر.

  1. كايساي إيزِن (1790-1848).

هو أَكبر من هيروشيج بسبع سنوات. ركز محفوراته على الخشب برسم النساء الجميلات، من هنا اشتهر بكونه سيد فترة بونساي التي امتدت بين 1818 و1830. ومن أَعماله رسم القمر مشعًا على مشاهد غنية بالنساء.

  1. شيباتا زيشين (1807-1891).

كان فنه متفردًا بين زملائه ومعاصريه في اليابان.فأَعماله لا تذكِّر بأَيِّ ملمح من ملامح المدرسة اليابانية في الرسم أَو الحفْر على الخشب، وهو ما كان يقوم به معاصروه كي يُعجبوا الغرب وأَعماله وأَعلامه. من هنا أَنه انفصل عن التأَثُّر بالرائد هيروشيج وأَنتج ما شكَّل ريادة في فترة بدأَت معه منذ 1868.

  1. تويوهارا شيكانوبو (1838-1912).

عمل في فترة ازدهار المدرسة اليابانية التشكيلية وفق هيروشيج. بدأَ حياته جنديًّا في فرقة من جيش شوغيتاي، حتى إِذا استسلمت تلك الفرقة في معركة أُوينو سنة 1868، ترك الخدمة العسكرية وانصرف إِلى الرسم موردًا لمعيشته.

  1. أُوتاغاوى تويوكوني الثاني (1769-1825).

تبناه أُوتاغاوى تويوكوني الأَول فتتلمذ الثاني عليه ثم تزوج ابنته فبات صهره. أَنتج معظم أَعماله في فترة قصيرة، وقبل وفاة معلّمه أُوتاغاوى سنة 1826 تبنى اسمًا آخر هو “تويوشيج” ثم غيَّره إِلى “توتوكوني”، وتزعم مدرسة فنية حملت اسمه فعُرفَت بـ”تيار تويوكوني”.

كلام الصور

  • – قمر هيروشيج فوق تاكاناوى قرب طوكيو (1831)
  1. القمر في مخططات غاليليو
  2. قمر إِيزن فوق تلة أُتاغو (1846)
  3. قمر زيشين فوق أَعشاب الليل (1872)
  4. قمر شيكانوبو فوق نهر سوميدا (1895)
  5. قمر توكويوني يُنير مياه النهر للصيادين (1830)