هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“نقطة على الحرف” – الحلقة 1423
نرحِّب بكم في سويسرا الشرق
إِذاعة “صوت لبنان” – الأَحَـد 4 آب 2019

من طبيعة النجاح السياحيِّ في أَيِّ بلدٍ، أَن يوفِّر البلدُ الـمُضيفُ جميعَ ظُروف الراحة والأَمان والاستقبال، وأَن يُلاقي السائحُ تلك الظُروفَ باحترامها فلا يُزعجَ البلدَ وأَهلَ البلد بتجاوُزاتٍ يَـحملُها معه، عفوًا أَو عمدًا، من بلادِه الأُمّ.

من الحالة الأُولى (تقصير البلد الـمُضيف) شكاوَى تقدَّم بها هذا الأُسبوع سيَّاحٌ روسٌ في مدينة أَنطاليا التركية (وكان الرئيس التركي رجب طيب أَردُغان تعهَّدَ تشجيعَ السياحة في السماح للرُوس بالدُخول من دون جوازات) فشكا روَّادُ منتجعات أَنطاليا من تَدَنِّـــي الخدمات السياحية ورداءَة الخدمات الفندقية، وأَشار القنصل الروسي في أَنطاليا إِلى ارتباط معظم الشكاوَى بعقُود السيَّاح مع وكالات السفر والسياحة التركية.

من الحالة الأُخرى (تَـجاوُزات السيَّاح في بلدٍ مُضيف) شكاوَى الـمؤَسسات السيَّاحية السويسرية حيال سيَّاحٍ من الخليج العربي، أَدَّت إِلى إِصدار هيئة السياحة السويسرية كتيِّبًا عن سلوكياتٍ تَـجب مراعاتُها مع السويسريين عند زيارة بلادهم، أَبرزُها تسع نقاط:

  • نبرة الصوت العالية لدى السيَّاح فيما هي منخفضة لدى السويسريين.
  • السؤَال عن الدِين وهذا مستهجَنٌ في بلدٍ عَلماني كسويسرا.
  • إِلقاء السلام وافتتاحُ حوارٍ من دون جهوزية الآخَر.
  • مباشرة حديث مـجانيّ بلا مسوِّغٍ مع السويسري من دون استعداد السويسري له
  • التحبُّب الـمفاجئُ إِلى أَطفال السويسريين وتصويرُهم وهُم بين أَهلهم في الشوارع من دون استئذان.
  • استخدام لهجة الأَمر الفوقية في الـمَطاعم بدَل طلب الخدمة بكلمات لطيفة.
  • التحدُّث مع مُوظَّفة أَو مُستخْدَمة سويسرية بِلُغةٍ فَظَّةٍ غير تلك المستخدمة إِجمالًا مع موظفين ومستخدمين في سويسرا.
  • عدم تقبيل الرجلِ الرجلَ عند اللقاء لأَن له تفسيرًا آخَرَ عند السويسريين.
  • عدم الـمُبادرة إِلى الحديث مع شخصٍ سويسريٍّ إِن لم يكُن سؤَالًا أَو استفسارًا ضروريًا.

صدورُ هذا الكتيِّب جاء بعد تَـجاوزات شهدَتْـها الـمُؤَسسات السويسرية مع سيَّاحٍ من الخليج العربي، ما حَـمَلَ مؤَسساتٍ مَـحلِّـــيَّــةً على عدم تأْجير غُرَفِها أَو فنادِقِها أَو مَواقعها أَو تسهيلاتها لبعض الخليجيِّين مع أَنهم يصرِفُون في البلاد بــ”سَخاءٍ وافر”.

هذا الأَمر (احترامُ البلدِ الـمُضيفِ سيَّاحَه واحترامُ السيَّاحِ خصوصياتِ البلدِ الـمُضيف) هو الذي يَـجعل السياحةَ في بلادٍ مزدهِرةً ناشطةً، بل أَكثر: مُغَذِّيَةَ خزينةَ الدولة.

في مواقعَ سياحيةٍ أَو تجاريةٍ، نَقرأُ عادةً لافتاتٍ بعبارة “نَتَكَلَّمُ لغَتَكُم”، تسهيلًا للسائح الأَجنبي كي لا يَشْعرَ بغُربةِ اللغة في البلاد فَتَسْهُلَ مُـخاطَبَتُهُ أَهلَ البلاد أَيًّا تكُن لغتُهُ الأَجنبية.

إِذًا: “نَتَكَلَّمُ لغَتَكُم” هي العبارة التي تُريح السائح فلا يُعيقُه التعامل مع أَهل البَلَد الـمُضيف.

وإِذا سويسرا الغرب وضَعَت تسعَ نقاطٍ على السيَّاح أَن يحترمُوها لأَنها تَـحترمُهم، فلا يكفي عندنا أَن نَذْكُرها للسيَّاح، بل فَلْنُوَفِّر لهم قبلها بيئةً خاليةً من مشاكل النُفايات وفَوضى السير وانقطاع الكهرباء واستغلالات بعض الـمَواقع السياحية، حتى يَهْنَأَ السيَّاحُ عندنا فنستحقَّ عندئذٍ أَن نَقولَ لهم: “أَهلاً بكُم… في سويسرا الشرق”!

هـنـري زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib