هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“أَزرار” – الحلقة 995
مَن هو “لُودُوفـيك بـاجُـو”Ludovic Pajot ؟
“النهار” – السبت 24 حزيران 2017

في تقرير تلفزيوني من 90 ثانية (شاشة “أُورو نيوز”) إِحصاءاتٌ تختصر الجديدَ العاصف الذي يطلُّ به العهد الجديد في فرنسا.

فـ”الجمعية الوطنية الفرنسية” شهِدَت في الانتخابات الأَخيرة تَـجَدُّد أَعضائها بنسبة 75 في المئة: دخَلها 424 نائبًا جديدًا من أَصل 577، ومتوسطُ العمر في المجلس الجديد هو 48 سنة قياسًا على 54 سنة في المجلس السابق 2012، وعددُ النساء في المجلس الجديد 223 سيّدة قياسًا على 155 في مجلس 2012، وعددُ المتقاعدين في المجلس الجديد هبط إِلى 41 نائبًا مقابل 106 نواب في مجلس 2012، والمجلس الجديد شهِد دخول شبابٍ جُدُد من قطاعات جديدة، بينهم مدرّسون ومزارعون وعمّال وأَصحاب مهَن حرة، وبينهم أَصغر نائب سنًّا: “لُودُوفـيك بـاجُـو” (23 سنة) Ludovic Pajot.

هوذا مجلسٌ نيابي شاب جديد متنوِّعٌ، ديمقراطيُّ التمثيل تمامًا مناطقَ وفئاتٍ اجتماعيةً وأَحزاباً، به تُجدِّد فرنسا ريادتَها أُمةً عريقةً في التاريخ، قديمةً في التقاليد والأَعراف، سيدةً في الثورات التي تغيّر صوب الأَفضل، عميدةً بين الدول الأُوروبــية في التمسُّك بثالوث “الحرية والمساواة والأُخُـوَّة” للحفاظ على مبادئها، وها هي جَـرُؤَت على قولة “لا” للعتاق الذين لم يُقْنعوا أَجيالها الجديدة بالبقاء في الحُكْم، ومنهم ممثّلو الحزب الاشتراكي الذي نال في المجلس الجديد أَقلَّ عدَد من النواب منذ تأْسيسه سنة 1969.

ومع تَـغَـيُّـر وجه الجمعية الوطنية، يتغيَّر وجه فرنسا العتيقة بِــدَمٍ جديدٍ، بشرايينَ شابَّة، بقلبٍ ناضحٍ حيويةً وصبًا ونوايا بيضاء لنقْل فرنسا نضرةً إِلى أَجيالها النضرة الجديدة التي يَــئِـسَـت من الشعارات والإِيديولوجيات والحزبيات والكليشيهات المعلّبة والغوغائيات الديماغوجية المخشَّبة، فنفضَت عنها الفكْر العجوز الهرِم، وقالت للقديمين العقِيمين: “إِذهبُوا إِلى البيت، واستريحوا على أَمجادكم، وغُطُّوا في نوم عميق. الطريق اليوم لِـحَيَوية المستقبل الآتي إِلى الحُكْم من جميع الطبقات والمستويات، وخصوصًا من خارج الإِقطاع السياسي”.

فرنسا الجديدة طردَت المبدأَ السخيف: “أَكبرُ منك بِـيَوم، أَخبرُ منك بِسَنَة”، وأَثبتَت سخافة “خبرة” النائب بالبقاء على مقعده في المجلس دورةً بعد دورة وعهدًا بعد عهد وعقدًا بعد عقد، وتجديد نيابته استنسابيًّا من دون الرجوع إِلى القاعدة الشعبية.

فرنسا الجديدة رفضت وراثية الإِقطاع السياسي الغاشم في مقاعد النواب، وتعرف أَن البلاد لا تتجدَّد بلوائح مقفلة تفرزها الغيتُوات، ولا بقانون انتخاب يليه انتحاب عليه حتى من واضعيه.

وتعرف فرنسا أَن التغيير لا يكون بالتنظير بل بقوى تغييرية جديدة تقْلب الطاولة على مَن فيها، وتخلَع الكراسي عن أَكــتاف شعبها، ولْيَقَع جميعُ الرابضين على الكراسي منذ سنوات مديدة عقيمة.

فرنسا الجديدة تعرف أَن بلادًا تُـجدّد شبابها، هي وحدها البلاد الجديرة بالحياة.

فهل لنا أَن نحلم يومًا بلبنانٍ جديدٍ يطلع من ساحة النجمة؟

هـنـري  زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib