هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“أَزرار” – الحلقة 966 –
“بلا  فذلكة”
 “النــهار” – السبت 19 تشرين الثاني 2016

في القاموس: “فَذْلَكَ الحسابَ أَي فَرِغَ منه”. و”الفَذْلَكَة”: “خُلاصةُ ما فُصِّلَ من الحساب أَو غيره” مأْخوذة من عبارة “فَذَلِكَ كَذا وكَذا”.

وفي علْم الـمُوازَنَة أَنّ “الفَذْلَكَة” هي “وَضْعُ تفصيلٍ دقيقٍ لكل بندٍ من بنودِها تبريرًا له وشرحًا وغايةً”.

من هنا أَن فَذْلَكَةَ الـمُوازَنَة هي تفصيلُ الوارد والخارج لضبط نفقات الدولة بين قطْع الحساب وخدمة الدين العام واحتساب الرواتب والنفقات الثابتة المطلوبة للمشاريع الاستثمارية، وسواها مـمّا يضبط الهدر في الإِنفاق.

عند تشكيل حكومة تمَّام سلام اتّخذَت شعارها “المصلحة الوطنية” وتعثّرت مسيرتها في حقول الأَلغام والحَــرَد وكيديات المصلحة الشخصية والحزبية لا المصلحة الوطنية.

فـبِـمَ تعدُنا الوزارة الجديدة كما تقاسَمَ تشكيلَها دومينو “بيت بو سياسة”؟ وما “الفَذْلَكَة” التي ستعتمدُها لـمسـيرتها الحكومية؟

بل أَكثر: ما كان المعيار لتكليف رئيسها ولظروف تأْليفها؟ هل استند فعلًا إِلى “فَذْلَكَة” واضحة مبرَّرة لاختيارها الوزير المناسب للحقيبة المناسبة؟ أَم كعادة التأْليف الإِرضائيّ تَـمَّ اختيار كوتا تناسب المراجع السياسية المسيطرة على البلد متحكِّمةً فيه طائفيًّا ومذهبيًّا وحزبيًا وتياريًّا ومناطقيًّا ومحسوباتــيًّا في دهليزٍ عميق لا قرار له ولا مخرج منه للبنان الحاضر والمستقبل مع هذا الطقم السياسي المتحكِّم بمصير والوطن والحاضر والمستقبل؟

هل سيكون الشعار من كلمات نشيدنا الوطني “كلُّنا للوطن”؟ أَم سيكون كالعادة وفْق مبدأ “كلُّنا على الوطن”؟

هل سيكون العمل لجمهورية الشعب اللبناني؟ أَم لإِرضاء جمهورية العائلات السياسية المعدودة في لبنان؟

وما “فَذْلَكَة” الحكومة الجديدة؟ هل ستكون لها فَذْلَكَة ميدانية؟ أَم ستطالعنا كالعادة ببيانٍ وزاري لفظي منَمَّق نظري تنظيري على قياس الآتين إِلى الحكومة بتعيينٍ من أَولياء العشيرة وأَسياد القبيلة وزعماء المزرعة؟

وهل الأَساس أَن تنال الحكومة ثقةَ المجلس النيابي؟ أَم ثقة الشعب؟ وهل التنافس في طلب الحقائب كان لخدمة الشعب على أَساس برامج واضحة؟ أَم جاء لخدمة لاعبي الشطرنج مقتَسِمِي خيرات الوطن في وزارات سيادية وأَساسية ورئيسية وخدماتية؟

كان ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية ضدّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأُوروبي. فلما قال الشعب كلمته عكْس ذلك، احترَمَ إِرادة الشعب واستقال من الحكومة مطَـبِّقًا ديمقراطيةَ بلاده. فهل عندنا احترامٌ للشعب ومجتمعه المدني ومطالبه العالقة المعلَّقة في أَدراج الوزارات؟ أَم سيبقى كلُّ تكليف وتأْليف وتصنيف وتوليف خاضعًا لـمقايـيس الهيمنة السياسية وعائلات حاكمة متحكّمة بدكتاتورية مقَنَّعة تتغرغر بادّعاء الديمقراطية؟

وإِذا كان الأَمر سيبقى كذلك: من حكومة “فروماجيست” إِلى حكومة “فروماجيست”، فلا نلومنَّ شبابنا حين يهاجرون بالآلاف لِـيَقينهم أَن لبنان السياسي مقتطَعٌ سلَفًا لعائلات سياسية إِقطاعية معدودة لا تُـمثّلهم، ولذا يَهجرونه بدون أَسف، رافضين بغضبٍ أَن ينتموا إِلى دولته الإقطاعية الفاسدة.

 هـنـري  زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib