هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

“نقطة على الحرف” – الحلقة 1281
لا وقتَ في الحياة إِلّا للحُب
إِذاعة “صوت لبنان” – الأَحَــــد 6 تشرين الثاني 2016

   لعله أَطولُ استفتاءٍ في التاريخ، بات عمره اليوم 75 سنة، أَرادتْه جامعة هارفرد بحثًا استقصائيًّا حول موضوع واحد: “ما الذي يؤَمِّن السعادةَ ورفاهَ الحياة طوال العمر”؟

في حديث إِلى شبكة “تيد” الإِلكترونية، شرح رئيسُ فريق الاستفتاء العالِـم النفساني روبرت والْدِنْغِر كيف أَن معظم الـمُجيبين من طلّاب هارفرد ركزوا على مصدَرَين لسعادتهم سيعملون لهما هدفًا لحياتهم: الشهرة والمال. ويخلُصُ الاستفتاء إِلى سُؤَال: “هل الثروة والشهرة كافيتان حقًّا لتأْمين الصحة الجسدية والرفاه النفسي”؟

منذ 1938 حتى اليوم تَـمّ استفتاء 724 رجلًا بمتابعة حياتهم سنةً فسنةً: في عملهم، في حياتهم العائلية، في صحتهم، وكيف تطوّرت حياتُهم مع السِن. وبين هؤلاء 60 ما زالوا أَحياء، هم اليوم في التسعين أَو حولها، وحاليًّا يتم استفتاء أَولادهم وأَحفادهم وهم باتوا اليوم نحو 2000.

ومع طلّاب هارفرد، جرى استفتاء مواطنين في محيط الجامعة، وخصوصًا في بوسطن، فكان الجواب شبْه موَحَّد: “لماذا هذا السؤَال عن حياتنا؟ إِن حياتنا عاديةٌ بسيطة ليس فيها ما يهمّ أَحدًا، لكننا سعداء”.

ومن تحليل الأَجوبة في آلاف الصفحات منذ 75 سنة حتى اليوم، يتبيّن أَن أَكثر الـمُجيبين عن مصدر سعادتهم لم يكن الغنى ولا الشهرة ولا العمل الناجح، بل هو حُسْن اختيار العلاقات الاجتماعية، لأَن الوحدة تَقتل كلّ أَمل وكلّ ضوءٍ في القلب والروح. وظهر في تحليل الأَجوبة أَن الذين على علاقات سليمة مع عائلاتهم وأَصدقائهم ومجتمعهم هم الأَكثرُ سعادةً والأَوفرُ صحةً والأَطْوَل عُمرًا، بينما المستوحدون المنعَزلون هم الأَكثر تَعَرُّضًا للكآبة المؤْذيةِ الصحةَ والنفسيةَ والمزاج، ويَقَعون في حُزن مؤْذٍ لهم ولـمحيطهم فيهرب منهم الآخَر ويتجنَّبُهم لأَنهم دائمو النَقّ والتشاؤُم وبَثّ الطاقة السلبية وواقعون فريسةَ الأَمراض واليأْس والإِحباط والموت المبْكِر.

وفي التحليل أَن الأَهم في العلاقات الجيّدة ليس عددَها بل نوعيتُها التي تغذّي العقل وتَرفُدُهُ براحة الفكر وشفافية التعامل.

ويختم روبرت والْدِنْغِر حديثه مستشهدًا بِـهذه العبارة من مارك توين: “قصيرةٌ هي الحياةُ كي نَقضيَها بالخلافات والخصومات والعداوات والـحُجَج والأَعذار والتبريرات. لا وقت في الحياة إِلَّا للحُب في كُلّ فاصلة من الحياة“.

بلى، ويصدق مارك توين: القيمةُ الوحيدة في الحياة هي الحُب؛ المصدرُ الوحيد في الحياة هو الحب؛ السعادةُ الوحيدة في الحياة هي سعادةُ الحب الحقيقيّ الذي لا يأْتي في الحياة سوى مرّة واحدة.

فَـلْـنَـلْـتَـقِـطْ هُـنَـيْـهَـتَـهُ الفريدة، ولْنَحْيَ فيها كليًّا كي نذوقَ معنى الحياة الوحيد، فيطولَ عُمْر سعادتنا مهما قَصُرت أَيامه المعدودة.

  هـنـري زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib