هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1226
حذار “الترف” في استعمال الطاقة
الأَربعاء 21 تـشرين الأَول 2015

          أَصدرَت إِدارة كهرباء لبنان الشمالي بياناً دعَت فيه إِلى “توعيةِ المواطنين وترشيدِهم على استعمال الطاقة الكهربائية، وتجنُّبِ الترَف في استعمالها، واعتمادِ تقنينٍ ذاتيٍّ بعدم تكثيف استعمال المكيّفات مع باقي الأجهزة الكهربائية لدى ساعات التغذية في أوقات الحر الشديد والبرد القارس، وعدمِ التعدّي على الشبكات لأَنه ينعكس ضرراً فادحاً على الشبكة“.

          انتهى البيان.

          أَمّا التعدّي على الشبكة فليس من مهامّ إِدارة الكهرباء بل القوى الأَمنية تضبطُه وتعاقِب المعْتدين إِلاّ في المناطق المدعومة والمرحومة بالتغطية السياسية أَو الحزبية.

          وأَمّا توعيةُ المواطنين فواعيةٌ جداً أَنّ الدولة غائبة عن الوعي في وُعُودها كلَّ فترةٍ بتأْمين الكهرباء ساعاتٍ أَطْوَل.

          وأَمّا ترشيدُ المواطنين فالدولةُ رشيدةٌ جداً في رُشدها على تخدير المواطنين بأَحلام اليقظة بعدما استحالت أَحلام نومهم كوابيسَ من كهرباء تَشكو باسمها الدولة من قلّة الصيانة وقلّة العناية وقلّة العافية.

          وأَمّا استعمال الطاقة الكهربائية عند وجودِها النادر، فَبِسُرعة مَن يركض إِلى استلحاق القطار قبل إِقلاعه من المحطة، لأَن دقائق هذه الطاقة قليلةٌ وبخيلةٌ ونادرة، ويُجَمِّع المواطنون ما لديهم من تراكُمات الغسيل والتنشيف والكيّ والطبخ يُنهونها في تلك الدقائق البخيلة قبل أَن يعودوا إِلى مَسْلَخ مولِّدات اشتراك الحي.

وأَمّا استعمالُ المكيِّفات أَيامَ الحَــرّ الشديد والبرد القارس فمُخالفةٌ رعناء يرتكبُها مواطنون عليهم أَن يوقفوا استعمال أَدواتِهم الكهربائية الأُخرى عند تشغيل المكيِّفات، أَو أَن يُوقِفوا المكيِّفات ليُشغِّلوا أَدواتهم الكهربائية ولو فَطَسوا من الحر أَو دنَّـقوا من البرد.

وأَمّا الترف في استعمال الطاقة فمخالفةٌ قانونيةٌ يقترفُها المواطنون: عيب عليهم أَن ينتظروا كهرباء الدولة حتى يَهرَعُوا إِلى تصريف شؤُونهم البيتية في هذه الدقائق النادرةِ الوجود من عُمْر إِنارة بيوتهم بالطاقة العادية. فتصريفُها في ساعات المولِّدات أَمرٌ مُوَاطِنيٌّ صالحٌ مسؤُول تنبسِط له أَسارير مافيات المولِّدات وينشرح بها ضميرُهُم الـمُخْلِص.

          أَإِلى “التقشُّف” تدعونا الدولة؟ أَليست هي مَن “تُــقَــشِّــفُــنا” غصباً عنا؟

          أَإِلى “التقنين الذاتي” تدعونا الدولة؟ أَليست هي مَن تقنِّن كهرباءَنا غصباً عنا؟

          أَإِلى تهمة “الترف” تأْخذُنا الدولة؟ وأَيُّ ترفٍ أَن ندفَع فاتورتَين تسلخ إِحداهما للمولدات جِلْد محفظاتنا لأَن سويعات التغذية العادية تتضاءَل يوماً عن يوم، وتتزايدُ يوماً بعد يوم ساعاتُ تغذية المولِّدات ومعها تتزايَد شهراً بعد شهر فاتورةُ الاشتراك بها؟

          في زمنٍ تـحَوَّلت إِبّانه الدولةُ من أُمٍّ حامدة إِلى خالةٍ حاقدة، لم يعُد عجباً أَن يصبحَ استخدامُ طاقتها ترفاً، ووقْفُ المكيِّفات ترشيداً، والتقنينُ الذاتـيّ واجباً مُوَاطنياً، فيما الدولة تُـمَنِّن أَبناءَها بسويعاتٍ من كهرباء، وحُجّتُها الحربُ التي، للتذكير فقط، انتهَت قبل عشرين سنة، والدولةُ الواعيةُ الرشيدة ما زالت منذ عشرين سنةً تَعِظُ الناس بالتوعية والترشيد.