هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1212
أَقوى من الخضّات
الأَربعاء 15 تــمُّــوز 2015

        بينما تغرق بيروت في أَمواج تجاذبات سياسية قاتمة تنذر بانفجار سياسي قد تستتبعه ترجمات شارعية مظْلمة، جاءنا ضوءٌ سعيدٌ من مجلة “إِنك لايف” الأَميركية الشهيرة في عددها الصادر أَول هذا الشهر (تموز) وفيه مقال للخبير السياحي الاقتصادي ﭘــيتر إِكُونومي عنوانه: “زيارةُ هذه المدن السبع ستغيِّر حياتكم”، وفي عنوانه الثانوي: “تغيـير جَـوِّكُم، ولو لفترة وجيزة، تحتاجونه لتجديد نمو أَعمالكم وعناصر نجاحكم”. وبين تلك السبع المدن: جوهرتُنا بيروت، ومعها اسطنبول تركيا، هانُوْي ﭬـيتنام، كيپ تاون جنوب أَفريقيا، غرينداﭬـيك إِيسلندا، سان فرنسيسكو الولايات المتحدة، وكيوتو اليابان.

عن بـيروت كتب إِكونومي: “وسْط الخضات المتتالية في الشرق الأَوسط، تُواصل بيروت أَن تكون جنَّة الهدوء غير الــمُطالة، هي الـمُسَمّاة “ﭘـاريس الشرق الأَوسط” لأَنها فعلاً واحةُ ثقافة وإِشعاع. زُورُوا بيروت، على خطى الأَقدمين الرومان، حادِثوا البيّاعين المتجوّلين على كورنيش البحر، تَذَوَّقوا مآكل المدينة، وتَـخلَّوا عن رأْيكم المسْبَق حول الشرق الأَوسط. في بـيروت تَجِدون جمالاً لا تَجدونه في أَيّ مكان من العالم”.

          يعانقُ هذا المقالَ السعيدَ إِحصاءٌ سعيدٌ صدَر رسمياً قبل أَيام في مدريد، مقرّ منظمة السياحة العالمية التابعة للأُمم المتحدة، ورَدَ فيه أَن اطِّلاب السياحة الدولية بين كانون الثاني ونيسان هذا العام زادَ 4% عنه العامَ الماضي، وَفق بارومتر المنظمة الذي يتوقَّع متفائِلاً أَن يسجّل التحرُّكُ السياحي العالمي بين أَيار وآب هذا الصيف نحو 500 مليون سائح، يقطِف الشرق الأَوسط منهم بين 4% و5% ما “يشكّل دعماً اقتصادياً لافتاً” كما صرح الأَمين العام للمنظمة الدكتور طالب الرفاعي. وحين نلاحظ ما في الشرق الأَوسط من اضطرابات أَمنية وسياسية، يَبرز لبنانُ الأَقلّ اضطراباً وبالتالي الأَكثر استقطاباً السيّاحَ، خصوصاً أَن صيفَه هذا العام زوغةُ مهرجانات كبرى بدأَت منذ أَيام، وتستقطب آلافَ الآلاف إِلى جميع المناطق اللبنانية، ما يؤَشـِّــر إِلى تحسُّن اقتصاديّ ملموس.

          وإِذْ كان لبنان، في السنوات الأَخيرة، عند مطلع كل صيف منكوباً من الخارج باعتداءَات إِسرائيلية أَو بانفجارات أَمنية محلية، نأْمل هذا الصيف أَلاَّ تُعادَ الخضَّات الداخلية من أَهل البيت، وهي أَقسى على السياحة من اعتداءَات الخارج، فلا نُنْكَبَ من جديدٍ بمظاهرات وتظاهرات واعتصامات وَهَوبَرات ويافطات ولافتات ومقاربات ومطالبات وشخْصَنات وشعاراتٍ قناعُها مذهبيّ طائفيّ دينيّ مطلبيّ، ووجهُها الحقيقيّ شخصيّ شخصانـيّ عناديّ.

          وعلى أَمل أَلاّ يعودَ الأَزلام إِلى الـهَوْبَـرَة في الشوارع فيجفلَ موسمُنا السياحي هذا الصيف، ستبقى بـيروتُ جوهرةَ المتوسط، وتبقى نجمةُ بيروت ساهرةً على حماية لبنان من كل دخيلٍ أَو عميل، ليكونَ لبنان، والنارُ حوله، محروساً بعنايةٍ شاءَتْ وتشاؤُهُ، بفضل المخْلصين من أَبناء البيت، أَن يظلَّ فعلاً تلك الواحةَ التي تُغيِّـر الحياة، وأَن تظلّ الحياةُ في لبنان قائمةً على هناءةِ السلام بين أَبنائه، واطّلابِ الجمال من ربوعه الرائعة.