هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

أزرار- الحلقة 880
المصطفى والحُـبّ… في يوم “عيد الحُـبّ”
السبت 14 شباط 2014

 

في يوم “عيد الحُـبّ”، أَيَجوز الكلامُ في غير الحُـبّ؟ الحُـبّ الذي ننتظرُه عُمراً كاملاً فإِذا لم نعرفْـهُ تَـوهَّـمنـاه، وإِذا عرفـناه نحيا به!

احتفاءً بهذا “اليوم”، وهو العيدُ كلَّ يوم، عُدتُ إِلى جبران، إِلى فصل الحُـبّ من كتابه “النبي”. قَرأْتُهُ بــإِنكليزيَّـته البسيطة العميقة، وهي عرفَت تَرجماتٍ إِلى العربية كثيرةً ذاتَ تفاوُت، فَترجَـمْـتُـهُ بِــنَــبْـضِ مَن عرَفَ النعمة وآمنَ أَنّ أَرقاها خُشُوعُ الشُّكران، وأَرفعه شُكراناً إِلى الحياة التي أَهدتْـني نجمتي، وإِلى نجمتي التي أَهدتْني الحياة.

وهنا ترجمتي تحيةً في يوم الحُـبّ لـمَـن عرَفوا نعمةَ الحُـبّ.

***

… ثم قالت له الـمـيـترا: “كَـلِّمْنا في الحُبّ”.

رفَعَ رأْسَه

نظَرَ إِلى الجُموع فرانَ عليهم سُكون.

وبصوتٍ جهيرٍ قال:

“يومَ الحُبُّ يندَهُكُم انقادوا لَه ولو انَّ دروبَه وعْـرةٌ شائكة

ويوم يغمُرُكُم بِجناحَيه استسلِموا إِليه ولو جَرَحُكم سيفٌ بين ريشِهما

ويوم يُخاطبُكُم آمِنُوا به ولو مزّق أَحلامَكم صوتُه كما ريحُ الشَّمال تُهَشِّم الحديقة.

لو هو تَوَّجُكم قد يَصْلُبُكم

ولو نَـمّاكم قد يشَذِّبُكم

ولو ارتفعَ إِلى أَعلى ما فيكم مداعباً أَطْرى أَغصانِكم المرتعشة في الشمس قد ينحدر إِلى جذوركم يَهُزّها وهي في قلب التراب.

***

كما حُزَمُ القمح يَجمعُكم إِليه

يَدرُسُكم حتى يعرِّيَـكم

يُغربلَكم حتى يُحرِّرَكُم من قشوركُم

يطحنُكُم حتى البياض

يعجنُكم حتى الليونة

ثـمّ يصطفيكم إِلى ناره المقدسة فَـتَـتَـأَهَّلون خبزاً مقدساً لـمائدة الله المقدسة.

كلُّ هذا يفعلُه الحُبُّ بكم كي تعرفوا أَسرار قلبكم

وبِهذه المعرفة تصبحون نبضةً في قلب الحياة.

أَمّا إِذا من خوفكم لم تَــنْـشُـدوا من الحُبّ إِلاّ هَــنــاءَتَــه ومِـتْـعَـتَـه

فاستروا عُريَكم واخرُجوا عن بـيدر الحُبّ

إِلى عالمٍ بلا مواسم تضحكون فيه لا كلَّ ضحكِكُم وتَبكُون فيه لا جميعَ دَمعكم.

***

الحُبُّ لا يعطي إِلاّ ذاتَه ولا يأْخذ إِلاّ من ذاتِه.

لا يَمتلِك ولا يُمكن امتلاكُه لأَنه مُـمتلئٌ بـالحُبّ.

وحين تعرفون الحُبّ

لا تَقُولُوا: “الله في قلبي” بل “أَنا في قلب الله”

ولا تَظُــنُّوكم قادرين على توجيه مسار الحُبّ.

هو الذي – إِن وجدَكم مستاهلين – يُوَجِّه مساركم.

***

لا رغبةَ للحُبّ إِلاّ تحقيق ذاته.

أَما إِذا أَحببتُم

وكانت لرغباتكم حاجات

فلتكن رغباتُكم أَنْ:

تَذوبوا فتَجْروا كنهرٍ يغني للَّيل موسيقاه

وتعرِفوا وجعَ الحنان الكثير

ويجرَحَكم فَهْمُكُم الحُبَّ

وتَـنـزفوا راضين فَرِحين

وتنهَضوا مع الفجر بقلبٍ مُـجَنَّح

فترفعوا الشكُرَ على يومٍ من الحُبّ جديدٍ

وتَستَلْقوا ظُهراً متأَمِّلين نشوةَ الحُبّ

وتعودوا عند المساء مُـمْـتَـنِّــين

فـتـنـاموا:

في قلبكم صلاةٌ إِلى القلب المعشوق

وعلى شفَتَيكم تسبيحُ شُكران”.