هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

أزرار- الحلقة 856
لبنان في مرآة اللبنانـيـين
السبت 30 آب 2014

 

        بَعدَ غدٍ الإِثنين: أَول أَيلول، يأْخذنا إِلى يوم جلس الجنرال غورو على دَرَج قصر الصنوبر (أَول أَيلول1920) عن يمينه البطريرك الماروني الياس الحويّك، عن يساره مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، وحولهم شخصيات من العائلات الروحية اللبنانية، وأَلقى خُطبةً جاء فيها: “باسْم الحكومة الفرنسية أُعلن لبنان الكبير من النهر الكبير إِلى أَبواب فلسطين وقمَم لبنان الشرقي… إِنّ جنود فرنسا يَكْفَلون استقلالكم، فلا تنسَوا أَنّ دم فرنسا الغالي سال لأَجل هذا الاستقلال. لتحيَ فرنسا، ليَحيَ لبنان الكبير”.

          كانت تلك ثمرةَ سفَر البطريرك الحويك، باسم الطوائف اللبنانية، إِلى “مؤتمر السلام” في ﭬـرساي (سنة 1919) يطالب بانتداب فرنسا لحماية لبنان. ولم يكن اللبنانيون نسَوا أَن الخوري الماروني يوسف الحايك على حبل المشنقة (تموز 1915 مع الأَخوين المارونيَّين فيليب وفريد الخازن) صرَخَ ثلاثاً: “لتحيَ فرنسا”.

          بعدها “قدَّمت” لنا فرنسا دستور 1926 وأَدارتْه طيلة فترة انتدابِها شعبَنا ووطنَنا، ما حفَز الجنرال ديغول، في خطابه الشهير (بيروت – 27 تموز 1941) أَن يقول في اعتداد: “اللبنانيون هُم في العالم الشعبُ الوحيدُ الذي لم يتوقَّف قلبُه عن النبض على إِيقاع قلب فرنسا”.

          أَعود قروناً إِلى الوراء، إِلى سنة 1250، وأُراجع رسالة الملك لويس التاسع (“القديس لويس” قائد الحملة الصليبية السابعة) إِلى حاكم لبنان يومها يَشكُره فيها على مساعدة الموارنة إِياه، وفيها: “نحنُ على يقين بأَن الأُمّة المارونية جزءٌ من الأُمّة الفرنسية لأَنّ مَـحبَّتَهم الفرنسيين تشبه تماماً محبة الفرنسيين في ما بينهم. لذا نرى من العدل أَن تتمتّعوا بالحماية الفرنسية ذاتِها التي يتمتّع بها الفرنسيون في فرنسا”.

          هذا الخنوعُ الرخْوُ لفرنسا كان في بال قادةٍ لبنانيين وطنيين انتفضوا على سلطة الانتداب ودستورها الذي “قدَّمتْه” لنا فوضعوا دستوراً لبنانياً رفضتْه فرنسا واعتقَلَت (في 11 تشرين الثاني 1943) رئيسَ الجمهورية بشارة الخوري ورئيسَ الحكومة رياض الصلح، وعادل عسيران وكميل شمعون وعبدالحميد كرامي وسليم تقلا، وسجنتْهم في قلعة راشيا، فانفجرت في الشعب ثورةُ غضبٍ على الفرنسيين أَدَّت إِلى تحرير القادة في22 تشرين الثاني ليكون هذا حقاً “يوم الاستقلال” ولبْنَنَة الحُكْم والخلاص من انتظار قرارات الخارج.

          بهذا الاستقلال وحده فلْنحتفِلْ، لا باليد التي “أَهدتْنا” في أَول أَيلول “لبنان الكبير” بقفّازٍ: ظاهرُه حرير وباطنُه مرير.

          فَلْنكُفَّ عن النظر إِلى وطننا في مرآة الدول.

وليكن الأَول من أَيلول عبرةً فقط، للمحافظة على هذا الـ”لبنان الكبير” كما نراه نحن ونريده، لا كما يخطِّط له ولنا الآخرون.

__________________________________________

http://claudeabouchacra.wordpress.com/2014/09/03/