هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

أزرار- الحلقة 842
على صورة الوطن
السبت 3 أيار 2014

 

        على جبين كلّ دولةٍ عَلَمٌ وشعارٌ هما جناحاها إلى العالم، رمزاً يعكس هوية الدولة.

          فهذه الولايات المتحدة اتخذَت العُقاب الأَبيضَ الرأْس رمزاً للعلَم الأَميركي وتمثالَ الحرية امرأَةً تحمل الشعلة شعاراً للـهُوِيَّة الوطنية.

          وهذه فرنسا تَبَنَّت مثلّث “الحرية، المساواة، الأُخوّة” رمزاً يُلازمَ علَمَها المثلَّث الأَلوان، ووجهَ “ماريان” شعاراً لها مستمَداً من هذه الشخصية في مسرحية موليير “البخيل” امرأَةً ثائرةً على التقاليد متخطّيةً القيود اطِّلاباً لرحابة الحرية.

          هكذا: كلما نرى العُقاب أَو تمثال الحرية نفهم أَن الرمز أَميركي، وأَينما رأَينا ماريان والـمثلّث نفهم أَن الرمز فرنسي.

والرمزُ موحَّدٌ أَينما نراه، معمَّم على أَراضي الدولة وفي العالم بعدما خضع لدراسات واستفتاءات قبل صدوره وتعميمه.

          نحن أَيضاً لدينا الأَرزةُ رمزُنا المتوسطُ أَبيضَ العلَم لكنه ليس موحّداً في كل مكان: مرةً نراه كاملاً، مرةً نرى الأَرزة وحدها، وأَخيراً صدر شعار الموقع الرئاسي أَرزةً على قمة تلال ثلجية، فوقها أَشعةٌ كثيرة، تحتها أَغصانُ غار، لا لون فيها للعلم اللبناني، ولم يجْرِ أَيُّ نَشْرٍ لهذا الرمز الـمُكتظّ غير الجميل، لسنا نجدُه في دوائر الدولة ولم يتعمّم في الإعلام لشرح رسومه، ولا نفهم كيف لا يكون لدولتنا شعارٌ واحدٌ ذو رمز موحَّد معمَّم على الإِدارات في لبنان والعالم.

          غريبٌ هذا التعدُّد عندنا في الشعارات والرموز، وغريبٌ أَن تأْتي كلُّ حكومة بشعارٍ جديدٍ تظلُّ مفْرَغَةً منه ملأَى باستحكامات الظروف: تلك حكومة “كلُّنا للعمل”، وهذه حكومة “المصلحة الوطنية”، تماماً كشعارات اللوائح الانتخابية والكتَل السياسية: لكل لائحة أَو كتلةٍ شعارُها، وفي التطبيق لا يبقى من الشعار سوى اسمه الفارغ. وكلّما ظهرَت تظاهرة مطلبية أَو وطنية أَو حزبية أَو سياسية ظهرَت معها شعاراتٌ متعدِّدة فئوية أَو حزبية أَو سياسية، وأَعلام حزبية أَو طائفية وبينها – إِن كان بينها – العلَم اللبناني.

          من الضروريّ تجديدُ صورة الوطن برمزٍ أَو شعار يُعيد الثقة بلبنان إِلى اللبنانيين والعالم، إِنما فلْيكُنْ رمزاً أَو شعاراً على صورة أَحلامنا وطموحاتنا والقِيَم التي يؤمن بها اللبنانيون.

الرمز أَو الشعار أَساسٌ في توحيد هُوية الوطن وكلمة الوطن وأَهل الوطن، وهو ليس مجرّد رسم على قماشة أَو لوحة، بل تعبيرٌ يختصرُ أَجيالاً من النضال والكفاح في سبيل أَن يبقى الوطن واحداً موحَّداً لا متعدِّد الرؤُوس والرموز والشعارات والأَعلام مشتَّـتاً  كتلك التي تظهر فيه عند كل مناسبة، وليس واحدٌ منها يُـمثِّلُه في جذوره الحقيقية.