هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرف من كـتاب- الحلقة 153
“من عهد الاستقلال إلى عهد الوصاية”- جوزف شامي
الأَحـد 26 كانون الثاني 2014

vdl_153_Memorial du Liban (9)

           بعد ثمانية أَجزاء من موسوعته التأْريخية “مذكِّرات لبنان” أَصدر جوزف شامي الجزء التاسع: “من عهد الاستقلال إِلى عهد الوصاية: 1988- 1990″ في 224 صفحة حجماً موسوعياً كبيراً، مزوَّداً بغنى وافرٍ من المواد والصُّوَر والأَخبار والتعليقات والمقتطفات الصحافية لتَينِك السنتَين القاسيتَين من تاريخ لبنان.

          بداية المجلّد الجديد من نهاية عهد الرئيس أَمين الجميل بحكومَتَي العماد ميشال عون والدكتور سليم الحص، وكلتاهما، كما جاء في مقدمة الكتاب “لم تبلغ غايتها في تأْمين انتخاب رئيس جمهورية جديد، فباتت البلاد سفينةً بلا قبطان تتجاذبها أَمواج متلاطمة متعاكسة داخلية وخارجية، تزيد من مأْساتها شهواتُ الحكم والتسلُّط لدى المفترَض أَن يقودوها إِلى شاطئ الخلاص”.

          ويَعْبُرُ الكتاب في المسالك الصعبة والمأْساوية لأَشهر تشرين الأَول وتشرين الثاني وكانون الأَول 1988 وما جرى فيها من تفجيرات وأَحداث سياسية مريرة وسقوط أَبرياء في الصدامات الأَمنية والعسكرية بين فصائل الصف الواحد أَو بين الجيشين اللبناني والسوري، وصولاً إِلى تشرين 1989 مع اتفاق الطائف الذي جاء بالرئيس الياس الهراوي على رأْس الجمهورية بعد استشهاد الرئيس رينيه معوض نهار عيد الاستقلال من ذاك العام.

          وبدأَت مسيرةُ استعادة الدولة من الدويلات وسط أَحداث دموية لم تنقطع، شهِدَتْها المنطقة الشرقية من بيروت وجبل لبنان، أَدَّت إِلى دخولِ الجيش السوري قصرَ بعبدا صباح السبت 13 تشرين الأَول 1990 وانسحابِ العماد ميشال عون إِلى السفارة الفرنسية وإِذاعتِه عند التاسعة والنصف صباحاً نداءَهُ إِلى الجيش بالانضمام إِلى قائد الجيش الجديد العماد إِميل لحود، مُنْهياً بذلك سحابةَ 750 يوماً في القصر الرئاسي (22 أَيلول 1988-23 تشرين الأَول 1990) انتهت بتوقيعه بياناً آخر معترفاً فيه بشرعية الرئيس الياس الهراوي، وهو بيانٌ لم يصدُر في الصحُف ولا تناقلَتْهُ الأَوساط السياسية، لكنه صدَر في مذكّرات البطريرك نصرالله صفير وفي كتاب الوزير أَلبِر منصور غداة تسلُّمِه وزارةَ الدفاع.

          وتشكَّلت في 24 كانون الأَول 1990 حكومةُ العهد الأُولى برئاسة عمر كرامي، كانت من الميول السورية أَن قاطعها قسم كبير من سياسيي المنطقة الشرقية، بحجَّة أَنّ قصر بعبدا (كما جاء في الفصل الأَخير من الكتاب) “خلا من الخَصْم المعاند لكنَّه أَهِلَ بالوصاية السورية”.

          ويختُم جوزف شامي كتابَه بعبارةٍ بليغةٍ قالها الجنرال ديغول في حزيران 1968 لوزير الخارجية آنذاك فؤاد بطرس، مُحذِّراً لبنان من خلافاتٍ داخلية تُؤَدّي إِلى دخول الوصايات عليه. يومها قال الجنرال ديغول: “فرنسا تُشَدِّد على وحدة أَراضي لبنان. إِنما إِذا تدهوَرَت الأَوضاع بين البسطة والجميزة فلن تستطيعَ فرنسا أَن تفعلَ لكم شيئاً. عليكُم عندها أَن تَلْجَأُوا إِلى العقل اللبناني وحدَه كي يعالِجَ أَوضاعَكم”.

          هذه العبارةُ من ديغول قبل 46 سنة من اليوم لا تزال صالحةً حتى اليوم ونحن لا نزال نغْرَق في تَجاذُبات السياسيّين المحليّين، مُشَرِّعين الأَبواب لتَدَخُّل كلّ نوع من أَنواع الوصايات الخارجية.