هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

نقطة على الحرف- الحلقة 1136
أَن تَـــتِـــمَّ برمَجَةُ الإِنسان
الأَربعاء 29 كانون الثاني 2014

          يتقدَّمُ العلم. تَتَطَوَّرُ التكنولوجيا، وتفاجئُ الإِنسان باللامُتَوَقَّع.

          أَحدثُ الواصلِ إِلينا تَوَقُّعُ خبراء بريطانيين أَنْ يَشهدَ هذا العام إِحالة عاملِين وموظَّفين كثيرين إِلى التقاعُد نتيجةَ استبدالهم بِرُوبُوَات يُمكنها إِنجازُ أَعمالهم، وأَن تتكاثرَ تالياً وظائفُ آليةٌ يقومُ بها الإِنسانُ الآليّ فلا تعودُ تتطلَّبُ العنصر البشري.

          وركَّزَ هذا الأَمرَ تحليلُ الكاتب البريطاني بنجامين واي بأَنّ العصر اليوم “في نقطةِ انعطافٍ تُغَيِّر فيها الروبوات معظمَ ما نَعْلَمُه ونَعْمَلُهُ”. وختَمَ واي: “أَتوقَّع أَن تقومَ الروبُوَات، في ثلاثين سنةً مقبلة، بِـــ70% من الوظائف التقليدية. صحيحٌ أَنها ستُحدِث حالةً كبرى من عدَم الاستقرار، لكنّنا، إِذا استخدمناها كما ينبغي، ستُؤَدّي إِلى نهضةٍ جديدةٍ للبشرية”.

          ويؤَكّد على الأَمر كذلك مَقالٌ في الـ”دايلي مايل” البريطانية لأُستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة كمْبردج اللورد مارتن ريز بأَنّ “الروبُوات ستقوم بدَورَين أَساسيَّين: العمل في أَماكن لا يُمكن للإِنسان بلوغُها، ومساعدة المسِنّين في أَنشطةٍ لم يعودوا قادرين وحدَهم على القيام بها”.

          طبعاً، حين نتحدَّث عن ذلك، نُضمِر أَن تَتِمَّ برمجةُ الإِنسان الآلي للقيام بما عليه تنفيذُه، فهو لا يَبتَكِر ولا يُبْدع ولا يَرتَجِل بل يُنفِّذ ما في دماغه الآلي من برمجة. وهذا يَفترض أَن يُطلَبَ إِليه تنفيذُ أَعمالٍ ومَهامَّ ثابتةٍ ودائمة.

          أَقول هذا وأُفكّر في السياسيين: كيف برمجةُ روبُوَات تقوم بأَعمالِهم، وهُم متقلِّبون في مواقفهم، متغيّرون في أَمزجتهم، مأْمورون في معظم أَقوالهم وأَفعالهم، عاطِلون في معظم الوقت عن العمل لخدمة مواطنيهم وبلادهم، إِلاّ عند التصويت أَو المقاطَعة أَو العناد الشخصي أَو التَّشبُّث الشخصانـيّ بِـموقفٍ سياسيّ.

          هذا الصنف من السياسيين كيف برمجةُ أَعمالهم كي يحلّ مكانَهم إِنسان آليٌّ يُــرسلُهم إِلى التقاعد فيريحُنا منهم؟

          من مقال اللورد ريز كذلك في الـ”دايلي مايل” أَنْ “يجبُ الحَدُّ من قدُرات الروبو المرتبطة بالذكاء وعدم برمجتِه بِـمَهامَّ متطورةٍ بل بأُمورٍ مستعصية كعملياتٍ حسابيةٍ ومعلوماتية”.

          وأَحسبُ أَنّ هذا ممكنٌ في حالات كثيرةٍ يأْتيها الإِنسان الآلي موفِّراً في برمجته بها وقتاً كثيراً، ومقدِّماً للبشرية خدمةً ثمينةً لا يوفِّرها الإِنسان.

          ولكن، عند البحث في خلاص الأَوطان وتقدُّمها ومستقبلِها، وهو عُموماً من شأْن السياسيين، كيف تُـمكن برمجةُ أَدمغتِهم، ومعظمُهم خاضعُون خانعُون خائبُون خائنُون لا قرارَ ثابتاً في أَدمغتهم صالحاً للبرمجة؟