هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

817: من أَجل الكرامة الإنسانية
السبت 2 تشرين الثاني 2013

        حين يَعدُو العَدْو كونَه مـجرَّد رياضةٍ للرياضة تصبحُ له رسالةٌ تجعل الرياضةَ هادفةً إِلى قِيَمٍ أُخرى غيرِ منافع الصحَّة البدنية.

          وهو ما يتجلّى هذا الأُسبوع في شوارع بيروت: شعاراتُ تحفيزٍ على الـمُشاركة في الدورة العاشرة لـ”ماراتون بيروت” (الأَحد الـمُقبل) وفيها عباراتٌ لافتةٌ تطال الأَكاديميين والطلاَّب واللبنانيين المهتمّين بهذا النشاط كي يكون السباقُ ذا بُعْد آخر يبلغ التوعية الاجتماعية والوطنية العامة.

          بين العبارات القيِّمة في الشوارع لَفَتَني شعارٌ وضعَتْه الجامعة اللبنانية الأَميركية (LAU): “نركض من أَجل كرامة الإِنسانية”. وهو يأْخذُنا – خصوصاً في هذه الأَيام – إِلى ظاهرةٍ خطيرة متَفَشِّية: امتهان الكرامة الإِنسانية.

          في كلّ ما يحيطُ بنا من مظاهرَ وظواهرَ ومظاهراتٍ وتظاهراتٍ لم يعُد أَحد يراعي الكرامة الإِنسانية قولاً ولا فعلاً ولا ممارسة.

          في السياسة كما في المجتمع، في الرسميّ كما في الخاص، انتهاكُ الكرامة الإِنسانية لا حسيبَ ولا رقيب حتى بات أَهمُّ ما يسعى إِليه المواطن، قبل رغيفه وسقْف حمايته، حفاظه على كرامته الإِنسانية يهدِّده بحرمانِه منها سلوكٌ فرديّ وجماعيّ يَسلُبُه إِيّاها ولو أَعطاه حقوقَه بعد لأْي أَو مماطلة.

          المواطنُ المقهور مسلوبةٌ كرامتُه الإِنسانية، وكذلك الفتاةُ الـمغتَصَبَة، والزوجةُ الـمُعنَّفة، والموقوف بلا مُـحاكمة، والسجين المرذول، والموظَّف المقهور، والتاجر المحروم، والمهجَّرُ الـمُهمَل، واللاجئُ الـمَـنسيّ، وكلُّ مَن يَشعر بأَن دولته في غربةٍ عنه وإِشاحة.

          السياسيُّ الذي يَبيع شعبَه خُطَباً هوائيةً وتَحميساتٍ دونكيشوتيةً ووُعوداً كاذبةً، هو قاتلٌ كرامةَ شعبه الإِنسانية.

          القياديّ الذي يعرقل مسيرةَ الدولة بعنادِه وتصَلُّبِه وشروطِه التعجيزية ويدِه المرفوعة في الهواء وصوتِه العالي على الـمنابر، يكون يمتهن كرامة شعبه الإِنسانية.

          الإِرهابُ اليومي الطالع من الشارع والـمُعمِّمُ ظلاميَّتَه على الشعب بكلامٍ سياسيٍّ فضفاضٍ، يكون يَعتدي على كرامة الإِنسانية.

          الـحُكْم الذي ينقسم أَركانُه ويتقاتَلون ويتخاصَمون ويتعرقلون أَنانياً وشخصانياً، يكون يُجرِّد شعبه من الكرامة الإِنسانية.

          لذا تُلِحّ الحاجة اليوم إِلى استعادة الكرامة الإِنسانية بقِيَمِها وقاماتها وقيامتها.

          حقوقُ الإِنسان تعطيه حاجاتَه لكنّ الكرامة تعطيه إِنسانيَّةً لا قيمة لها بدون كرامة.

          فلْتندلِع ثورةُ الشعب على كُلّ مَن يطال كرامتَه الإِنسانية من سياسيين كَذَّابين وحُكَّام أَنانيين وزعماء وقياديين شخصانيين.

          الشعبُ الـمُبتلي بهذا الصنف من السياسيين والحكّام والقادة والزعماء سيبقى مقهوراً مسلوبَ الكرامة الإِنسانية حتى لو وصَلَتْهُ حقوقُه، لأَن الحقوق إِن تَسقُط قد تعودُ ولو بعد حين، أَما الكرامة إِن تَسقُط فجُرحٌ في النَّفْس بليغٌ هيهاتِ هيهاتِ أَن يَعود.