هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرف من كتاب- الحلقة 135
“ملحمة الانتشار اللبناني”- موسى زغيب
الأَحَـــد 22 أَيلول 2013

منذُ “الإِلياذة” بترجمة سليمان البستاني و”عيد الغدير” لبولس سلامة، لم يُطلِع شاعرٌ ملحمةً شعريةً بمفهوم الملحمة العلميّ، حتى قرأْنا قبل أَيام، وعلى مستوىً آخَر من الشعر، “ملحمةَ الانتشار اللبناني” بالشعر اللبنانيّ لـمُوسى زغيب راوياً بزجلِه العالي قصّة الانتشار اللبنانيّ على مرحلتَين منهُ: الأُسطورية في اثني عشرَ نشيداً، والحقيقية في عشرةِ أَناشيد بآلاف الأَبيات المتماسكة شِعرياً وروائياً ونسيجَ زجَلٍ مَشغولاً بدِقَّةٍ على نَول الكلمات.
ها نحنُ إِذاً أَمامَ كتابٍ من 252 صفحة حجماً كبيراً وطباعةً أَنيقة، مُهدىً “إِلى أَجيال لبنان في الوطن وفي لبنان الانتشار”.
مرحلةُ الأُسطورة تبدأُ من شطّ صور:

كانت مدينةْ صُور ميزان الدِّني وعُمر الدني شو بينفرق عن عُمر صُور؟

ويروي الشاعر حضور أَشنّار ملك صُور والد قدموس وأُوروپ، وكيفَ لبِسَ كبيرُ الآلهة زوس شكلَ ثورٍ وهبَط من الأُولِـمْپ إِلى شطّ صُور وخطَف أُوروپ وغاب بها خلفَ البحر حتّى لَحِقَ بها أَخوها قدموس باحثاً عنها وزارعاً في بلاد اليونان أَبجديةَ فينيقيا التي باتت أُمَّ الأَبجديات.
تلك هي الخمسةُ الأَناشيد الأُولى من المرحلة الأُسطورية، وفيها لوحاتٌ شعريةٌ بالزَّجل اللبناني تتغاوى صُوَراً وتركيباً شِعرياً متيناً:

نَصْبِت جميع الآلهة مراجـــــيح حتى تنشّف تَــــــــــــــــوبْها المبلول
وزوس نازل بالجبل تجريح ومن دعْستو تهرُب الأَرض نْزول
وتصرخ أَتينا وأَفروديت تْصيح يا زوس لا تخلّي الجبال تزول
وزوس ما بين التلج والريح قـــــــــــــابض على حتميّة المجهول

وفي هذا القسم الأُسطوريّ يرسم الشاعر رحيلَ إِليسار عن شطّ صُور وابتناءَها مدينةَ قرطاجة:

هيك البنت من عاطفه وشْــــعور لمّا بــــتـــربى بــبيت إِنساني
بتحمل خصــــــــايل إِمّها للنور هيك قرطاجَه اسْأَلو الباني
حِمْلِت خميرةْ مجدها من صُور مطرح مَ هَالأَديـان خلقانِه
وراحت تْصيغ لْحالْها دستور بالإِسم غـــربـــي، بَسّ لبناني

ويُكملُ الشاعر إِلى الحروب الفونيقية مُعرِّجاً على بُطولات هنيبعل متحدّياً عظَمة الرومان:

الرومان ودّولو وفْد منشان
يعقُد صلح إِنْ كان بالإِمكان
كان الجواب: لا تتعبوا ما نسيت
بيّي، وبقرطاجه قبلْما جيت
حالف عَ قُدسيّة بنت لبنان
عَ العمر ما رح صادق الرومان

وختامُ هذا القسم الأُسطوريّ بعباقرةٍ لبنانيين صنعوا الحضارة في العالم: موخوس، ﭘــيــتــاغور، زينون، أُقليدِس:

هودي نوابغ من أَرض لبنان
الْـ إِنسانها أَكبر من الإِنسان
أَلله يديم المعرفة ولبنان


ويُطِلُّ موسى زغيب على القسم الثاني: مرحلة الانتشار التي زرعَ فيها لبنانيون في العالم إِبداعاتهم وآثارَهُم حاملين رسالة لبنان الحضارية:

تعوَّد اللبناني بِفخر وبِطموح بْكلّ الدني الأَمجاد يزرعْها
شتلِة حبَق لـــوْ وَين ما بتروح بتضلّ تـــحمــل عطرها معْها

ويروح الشاعر يُعدّد قُدامى المبدعين اللبنانيين، ويرسُم الهجرةَ منذ القرن التاسع عشر، والحضورَ اللبناني في الولايات المتحدة منذ طانيوس البشعلاني، ويكمِل إِلى البرازيل والأَرجنتين والمكسيك والأُوروغواي وكوبا وكولومبيا وﭬـنزويلا والتشيلي وبوليـﭭـيا وكندا، فإِلى أَفريقيا وأُوروﭘـا ونجاحات اللبنانيين في بلدان العرب وبلدان العالم:
أَهل الفكر نحنا ضروري نكون
مطرح مَ فيه تفكير
بــــيِــــنـــقــــال عنَّا ويــــنْما رحنا
هالكون طَيْر جْوانحو نحنا
وشو قيمِة الجانح انْ ما كان بدو يطير؟


هكذا تطير “ملحمة الانتشار اللبناني” في شعر موسى زغيب زجَلاً ناصعاً مُصفّى مُنقّى يحملُ رسالةَ لبنان الانتشار إِلى العالم الواسع:

لبنان نُور العلم مـــــنَّـــــك طَــــــــــلّ وأَربـــــــــــــــع زوايا هَالدني مَلاّ
كنت الصدارَه بــــــــالوعي محتلّ يْــبُــوخ الزمان وإِنـــت تتحلّى
وكلما عليك من الحسيدِه انْدَلّ بيصير شعبَك يطـــلب لْـ أَلله
تَ يضَلّ يحمي عظمتَك وتضَلّ تْوَدّي مَشاعل عَ الدني كلاّ