هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1116: في فنون القتال

الحلقة 1116: في فنون القتال
(الأَربعاء 11 أَيلول 2013)

بين الملاكمة والمصارعة الحرة، تتّخذ لعبةُ الكاﭘـْـــوِيــرا حيزاً خاصاً من الاهتمام والتقنية. وهي أَساساً لعبةٌ عسكريةٌ أَفريقية برازيلية ترقى إِلى فنون القتال والرقص لدى شعوب أَفريقية قديمة كانت مستعبَدَةً في البرازيل. تتميز عن سائر فنون القتال بتقنيات أُلعُبانية تستخدم أَولاً القدمَين للرفس والضرب واللطم، إِلى أَعضاء الجسم الأُخرى من يدَين وركبتَين ومرفقَين وحتى الرأْس أَحياناً. ويُسمَح للاَّعب في بعض الوضعيات أَن يقف على كفَّي يدَيه ويستعملَ بقيّة جسمه مقلوباً ليفاجِئَ خصمَه بضربةٍ حاسمة أَو لطمة أَو لكمة أَو لبطة. وغالباً ما كانت المبارات تجري بين لاعبَين على الأَرض أَو على حلبة مرتفعة، فيما تدور حولهما حلقاتُ رقص وموسيقى واحتفاليات منوعة بالآلات الموسيقية والإِيقاعات البدائية.
عن وكالات الأَنباء من كينشاسا أَنّ أَولاد الشارع الذين يمارسون هذه اللعبة القتالية، تهذَّبت أَخلاقهم البرّية الشرسة، وبعدما كانوا عنيفين قليلي الأَدب متمرِّدين على الأَوامر والقواعد والسلوك، باتوا يلعبونها ولا يتلامسون، وباتوا أَكثر امتثالاً لواجباتهم المدرسية واحترام بعضهم بعضاً والتزام المواعيد بفضل أُصول لعبة الكاﭘـْـــوِيــرا.
أَسرُدُ كل هذا، وفي بالي لا أَولاد الشوارع الْـ بلا بيت، بل معظم “بيت بو سياسة” عندنا وما يمارسونه يومياً أَمامنا من مسابقاتٍ وتحدّيات ومبارياتِ مصارعةٍ وملاكمةٍ كلامية أَين منها لطماتُ الكاﭘـْـــوِيــرا ولكماتُها ورفساتُها وأُلعبانياتها في فنون القتال.
لذلك عَــنُّــوا على بالي وأَنا أَقرأُ مساءَ أَمس عن لعبة الكاﭘـْـــوِيــرا. فمعظم السياسيين عندنا يمارسون كاﭘـْـــوِيــرا التصاريح إِنما المؤْذية الهدّامة الشتَّامة المتهِمَة الاتِّهامية الملتهِمة كُلَّ أَملٍ بالهدوء والأَمن والأَمان والحالة المستقرَّة.
صحيحٌ أَنّ الكاﭘـْـــوِيــرا لعبةٌ قتاليةٌ قاسية لكنّ لها أُصولاً تجعلُها ذات تهذيب واحترام متبادل بين اللاعبين على الحلبة.
أَما لاعبوها عندنا فخارجَ كُلِّ أُصول. لذا تلزَمُ لهم إِنما بأُصولها كي لا يدمِّمَ واحدُهم الآخرَ بكلماتٍ أَحَدَّ من السيف.
المتهافتون على “التوك شو” التلـﭭـزيوني كي يتشاتموا، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
المصرِّحون دورياً في مؤْتمرات صحافية يرتجلون مناسباتها ليطلقوا اتهاماتهم، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
المتشائمون الذين لا يرَون الخلاص إِلاّ إِذا كانوا هُم في موقع القرار، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
النقَّاقون الذين يَرَون القشَّة في عيون خُصومهم ولا يَرَون الحطبة في عيونهم، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
الانفعاليُّون المتوتِّرون الموتورون الموَتِّرون المتهِمون الذين يَبنون مَرجَلَتهم السياسية على مهاجمة الغير، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
المستسلمون لـمشيئة الخارج، المستزلـمون للخارج، المأْمورون من الخارج، أَصواتُ أَسيادهم في الخارج، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
بيّاعو الضمير، سماسرة الصفقات على حساب الشعب والوطن، الخائنون بلباس مُـحامي الشعب، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
الذين لا يُعجبهم العجب وهم عقيمون مشلُولون ويتطاولون على المراجع الوطنية العليا، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا,
الذين يتَباهون بِصَبِّ كلماتهم الشتّامة على القيَم والقامات والمقامات بلا رادع ولا وازع، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
العاطلون عن العمل في مناصبهم الرسمية المفترض أَنهم فيها يخدمون مصالح الشعب وهم عنها لاهون، تَلْزَمُهُم الكاﭘـْـــوِيــرا.
ولا تنتهي لائحةُ مَن عندنا بين السياسيين يمارسون الكاﭘـْـــوِيــرا في أَبشع مظاهرها المؤْذية الشرسة، من دون أَن تكون قواعدُها وأُصُولها رادعاً لتشذيب أَلسنتهم وتهذيب قاموسهم السياسي.
أَيُّها الوطنُ المصلوبُ على ضمائر سياسييه، إِحمل كرباجكَ إِلى ساحاتك، إِجمع فيها هؤلاء المتسلِّطين على مقادير شعبِك، وعلّمهم أَنّ الكاﭘـْـــوِيــرا لعبةٌ قتاليةٌ شريفة، لا مثلما يمارسونها هُم لقتال خُصُومهم وقتال مُـحيطِهم وقتال شعبِهم وقتل الوطن.