هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

حرف من كتاب- الحلقة 129
“صفحات من التاريخ: جديدة مرجعيون”- هنري أبو عرّاج
الأَحَـــد 11 آب 2013

في أَكثرَ من حلقةٍ لـهذا البرنامج حول كتابٍ عن بلدةٍ، ضيعةٍ أَو مدينةٍ من لبنان، أَشرتُ إِلى أَهميّة هذه الكتُب في نهضة لبنان وحِفْظ تُراثه والحفاظ على إِرثه، أَنْ لو قام كلُّ كاتبٍ أَو مُتَنَوِّرٍ بوضْع كتابٍ عن ضيعته، بلدتِه أَو مدينتِه، لَتَشَكَّلَتْ لدينا موسوعةٌ كاملةٌ عن كلّ لبنان بكامل أَجزائه وضِياعه وبلداته ومدُنه، وهذا هو الـمُتمنّى الأَقصى لتأْكيد حفْظ الإِرث والتراث.
في سياق هذا النوع من الكتُب أَقرأُ اليومَ في كتابٍ عن جديدة مرجعيون وضَعَه هنري أَبو عراج لكنّ الموت قصفَه قبل رؤْية كتابه مطبوعاً فأَصدَرتْه زوجتُه عبلا عبلا أَبو عراج في 328 صفحة قطْعاً كبيراً مهّد له رئيس مجلس النواب المحامي نبيه بري بمقدِّمة وسَمَ بـها مرجعيون قَلْبَ جبل عامل وفيه كنيسةُ لبنان ثانيةٌ بعد القدس على طريق السيد المسيح إِلى أُعجوبة العرس في قانا.
الكتابُ مجموعةٌ نادرةٌ قيِّمةٌ من وثائق وأَخبار ومعلومات ومخطوطات وكتُب واجتهادات في حفْظِها حفْظُ ذاكرةِ كلّ لبنان.
في ثلاثة أَبواب رئيسة يتنقَّل الكتاب ليرسم جديدة مرجعيون معالـمَ وأَعلاماً وأَعمالاً.
الباب الأَوّل بدأَ في فصله الأَوّل بلمحةٍ عامة عن لبنان الجنوبي، في فصله الثاني عن موقع مرجعيون وطبيعتها، في فصله الثالث عن مدينة عيون في التاريخ، في الرابع لـمحةٌ موجزة عن نَسَب العائلات المرجعيونية، في الخامس تاريخُ تلك العائلات، وفي السادس والسابع لُـمَحٌ تاريخيةٌ ومعلوماتٌ عامة عن مفاصلَ رئيسيةٍ في المدينة.
واقتصر البابُ الثاني على ثلاثة فُصولٍ حول العلْم في مرجعيون، تاريخ الصحافة المرجعيونية، والحركة الأَدبية في المدينة.
وختم البابُ الثالث بفصوله الأَربعة خارطةَ الانتشار المرجعيوني والحياةَ الاجتماعية والنواحي الدينية والاقتصادية في المدينة.
وإِذا كانت مرجعيون وجدَيْدة مرجعيون على معالـمَ عامةٍ مشتَرَكَةٍ إِلى حــدٍّ واسعٍ مع سواها من بلدات لبنان ومدُنه، فخُصُوصيةُ المدينة تتجلّى في اسمها الدالّ على كثرة عيونٍ فيها تتدفَّق في مرج، حتى تبنّى المرج اقتبالَ تلك العيون اسماً في التاريخ.
وتتجلّى خصوصيَّتُها في العلْم حَجماً ومستوىً وأَعلاماً مبرِّزين بدورهم في إِشعاع الرُّوح الثقافية في المنطقة والجوار، من مدارسَ قديمةٍ إِلى مدرسة مخول ضاهر أَبو كسم إِلى مدرسة الروم الأُرثوذكس إِلى مدرسة الأَميركان سنة 1867 إِلى مدارسَ حديثةٍ رسمية وخاصة منذ مطلع القرن العشرين نهضَت بالبلدة وجوارها إِلى أَعلى مراتب التعلُّم والثقافة.
ومن خصوصيّتها: الصحافةُ المرجعيونيةُ بين مجلة “المرج” وجريدة “النهضة المرجعيونية” وجريدة”القلم الصريح” وسواها، ما جعل للمدينة حُضوراً إِعلامياً اتَّسع إِلى كلّ لبنان رافداً صحافيين وأَقلاماً ضالعةً في حيوية النهضة الصحافية والأَدبية والفنية.
من أَعلام هذه النهضة الشعراءُ فؤاد جرداق وجورج جرداق ونقولا قربان وحافظ محفوظ وعصام محفوظ وسواهم وُصولاً إِلى المؤَلِّف الموسيقي وليد غلمية. وفي الوسط الديموغرافي عرفَت مرجعيون موجاتٍ من الهجرة تجلّى فيها أَعلامٌ مرجعيونيون في العالم، على رأْسهم الطبيب الشهير مايكل دبغي والباحث أَلبرت حوراني، وسواهما مِـمَّن تَبَوَّأُوا مراجعَ ومناصبَ في دُوَل عالـمية كبرى.
ورسم الكتابُ خارطةً مفصَّلةً عن الحياة الاجتماعية وما فيها من مِهَن وحِرَف ونوادٍ وجمعيات تعمل على نهضة المدينة، وخارطةً أُخرى للمعالم الدينية بأَبرشيات أُرثوذكسية وكاثوليكية ومارونية وإِنجيلية تَجعل المدينة أُضمومةَ كنائسَ ومعابدَ ضارعةً إِلى الله الواحد الأَحد.
كتاب “صفحات من التاريخ: جديدة مرجعيون” مرآةٌ أُخرى من مرايا لبنان التي نأْمل أَن تتعدَّد كتُبُها حتى تتكوَّن للبنان مكتبةٌ تاريخية وتأْريخية وتراثية تجعل لبنان موسوعةً حضاريةً تُرَكِّز إِرثه الكبير وتراثه الغني فيُهَيِّئُ أَبناءُ اليوم لأَحفاد الغد وطَناً يعتزُّ به دائماً جميعُ أَبنائهم وأَحفادهم على الـمُقْبل الـمُشْرق من مستقبل التاريخ.