هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

804: في ثقافة الرعاية الفنية (1/2)

في ثقافة الرعاية الفنية (1/2)
السبت 27 تموز 2013
-804-

مع بَلبَلة الأَوضاع هذا الصيف وغياب السُّيّاح وإِلْغاء مُغَنين أَجانبَ عقودَهم وعدَم مَـجيئهم، ما زالت المهرجانات في لبنان مزدهرةً بعناد الصلابة اللبنانية في اطِّلاب الحياة رغم مصاعب الحياة.
وهي ليست فورةً وتَمضي بل ثورةٌ وتستمر.
وهي ليست رتابةً تتهدّل بل منوعاتٌ تتعدّل.
وهي ليست توقيتاً جامداً بل تعديلٌ يتماشى وموسم الصيف ظرفياً أَو رمضانياً.
وهي ليست جموداً تقليدياً باهتاً بل حيويةٌ ثقافية رائعة، ورغبةٌ في الحياة ساطعة، وتَجاوُزُ الواقع وحالته الفاجعة.
مهرجاناتٌ جرَت في مكانها بينما في مكان آخر تجري أَحداث دموية… وبقي العنادُ المهرجاني علامةَ صمود.
صعوباتٌ مادية ولوجستية ورسمية وضريبية تُحاصر المهرجانات، وتستمرُّ في حضورها تَـحَدِّياً كلَّ كبْوَة.
يسهُل انتقاد المهرجانات برامجَ وأَعلاماً، لكنّ الإِنصاف أَن نعاين ما تعاني لأَن ظروفَها هذه السنة ليست أَفضل منها في السنة الماضية أَو السنوات السابقة.
لا يكفي من الدولة توفيرُ مساهماتٍ مالية سنوية غالباً ما تتأَخَّر، بل المطلوبُ توفيراتٌ من مستوى آخر: الأَمن الاجتماعي، الاستقرار الأَمني، الإِعفاء الضريبي، الترويج الإِعلامي، تأْمين حوافز للِّجان المسؤُولة كي تَنفتح أَكثر وتُنتج أَكثر.
لا يكفي من الدولة رسميُّون يُسهمون بِحُضورهم ليلة الافتتاح وجلوسِهم (مع “موكبهم”) في الصف الأَوّل وابتسامِهم لكاميرات الصحافة والتلـﭭـزيون وتصاريحِهم الباهتة بكلماتٍ باهتة عن عمل كبير لم يَرَوه إِلاّ في صيغته النهائية جاهلين ضنى أَصحابه لبُلوغه هذه الصيغة النهائية.
تحية شكر للقطاع الخاص (المصرفي أَو الصناعي أَو سواه) يُسهم ويَدعم ويَرعى في رساليةٍ تنْهَد، وهذا حقُّها، إِلى مردودٍ معنوي لكنها تحمي اللجنة المدعومة لتأْمين برنامجها على مستوى أَفضل.
سوى أَن هذه الحماية مطلوبةٌ من الدولة أَولاً (عبر وزارة الثقافة أَساساً) فتُترجم عملياً مفهومَ الرعاية وتستشرفَ مردودَه عليها، وتكون دولةً حاميةً راعية تشكّل لجنة ستراتيجيا تدرس دعم كلّ قطاع من قطاعات الفنون والآداب، تخلق فيه فُرَص عمل، وتُسَوِّقه بِـما يَنتُج عنه مردودٌ لجميع الأَطراف في اقتصاد الثقافة.
حمايةُ الدولة الفنونَ والآدابَ تَخلُق نهضةً في البلاد زاولَها ملوكٌ وأُمراء دعموا أَعمالاً خَلَدُوا بها وخلَد بها أَعلامها وخلَدت بهم على التاريخ نهضةُ البلاد.
حمايةُ الدولة المهرجانات بدايةٌ صالحة لـمَغزى المهرجانات عندنا، فلا تَظَلّ ترفاً تنويعياً في ليالي صيفنا يُرهق بتنفيذه لـجاناً تَطوُّعيةً تقوم مشكورةً بِـما على الدولة أَن تقوم به.
هكذا تُؤَسّس الدولةَ نهضتَها ونهضةَ البلاد معها إِلى مستوى دُّولي.
وللحِماية والرِعاية والدِّعامة الرسمية ومردودِها الكبير حديثٌ آخَر أَتركُه للأُسبوع المقبل.