هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

796: كفى تجريحاً أيُّها الجَهَلة

كَفَى تجريحاً أَيُّها الجَهَلَة
السبت 1 حزيران 2013
-796-

فيما كان السينمائيّ الصيني جانغ كيانغ يَحتجُّ على سرقة أَغراضه من غرفته في فندق مهرجان كانّ السينمائيّ، كان صينيُّون في بلادهم يحتجُّون غضباً على تخديش فتىً صينيٍّ في مصر بآلةٍ حادةٍ حَفْراً نافراً في الأُقصر.
وفيما بادرت إِدارة الفندق الفرنسي إِلى الاعتذار من السينمائيّ الصينيّ، بادر آلاف الصينيّين إِلى الاعتذار لفعْلة ذاك الفتى بأَنها “ليست من شِيَم الصينيّين”.
إِنها بادرةُ رفضٍ انتهاكَ القيم. ووجهُها الآخر أَن عامة الصينيّين غير قادرين على كلْفة السياحة الخارجية فتنحصر هذه ببضعة آلاف ميسورين ليسُوا جميعاً على درجةٍ عالية من احترام القيَم فيقوم جاهلٌ بينهم (كذاك الفتى) بما يخرج عن قواعد الاحترام الأَخلاقي والثقافة السياحية ويترافق لديهم بخصائص الجهل والصَّلَف والفوقية فيرتكبون ما يتنافى وتاريخ الصين العريق وقيَمها الأَخلاقية.
وأَجمعَ روّادُ الإِنترنت الصينيِّون في وسائط تواصلهم الاجتماعي (كأَنّهم جميعَهم معنيّون واعتراهُم الخجل) بأَنّ فعْلة الفتى تتناقض والشيَم الصينية العريقة، وتُلطّخ سِمْعة الصين في العالم بعدما انتشرَت إِنترنتياً صورةُ الحفْر النافر المشوّه في الأُقصر مُـجَرَّحاً بكلماتٍ صينيّةٍ.
من الصين حيث هبّ المجتمع كلُّه مستنكراً تجريح حفْرٍ نافرٍ ذات يوم، إِلى عندنا في لبنان حيث كلّ يوم يقوم مَن يُجرّح بلبنان الوطن والدولة والقيَم والتراث والتاريخ، وليس مَن يستنكر أَو يحتجّ أَو يناقض أَو يناهض أَو يسائل أُولئك المشوِّهين المجرِّحين عمّا عمِلوا هم للبنان الوطن والدولة والقَيم والتراث والتاريخ، وعَمّا فعَلوا غيرَ تهشيم صورة لبنان في الخارج، وتجريح حفْره النافر الجميل في المحافل الدولية.
فتىً أَرعن حفَر بسكّينٍ حادَّةٍ لوحةً منحوتةً هَبّ ضدَّه كلُّ مجتمعه مستنكراً، وقياديون عندنا يَحفُرون بأَلسنتهم وخُطَبهم وتصاريحهم ونواياهم وانتماءاتهم الخارجية لوحةَ لبنانَ المنحوتةَ عميقةً في قلوبنا، ولا يقومُ مَن يَصرخ في وجوههم أَنّ أَلْسِنتَهم المسنونة المأْجورة الحادّة يَبريها مبردٌ حادٌّ هو ضميرُ الوطن الذي يُـجرّحونه ولا يَدرون أَن مصيرَهم فيه ما يُـجرِّحون.
القيَمُ، الأَخلاقُ، الفضائلُ، ثقافةُ المواطنية: علاماتُ الوطن التي على كلّ مُواطن أَن يحملَها فيه ومعه أَنّى تَوَجَّه في وطنه وفي العالم لأَنّ في كلِّ مُواطن صورةَ وطنه إِذا حافظَ عليها حافظ عليه.
الشعبُ الحيّ هو الذي يَهُبّ على كلّ قياديٍّ مأْجورٍ في وطنه يعمل ضدّ مُـجتمعه فيجَرِّح صورة الوطن وقيَم المجتمع وتاريخَ البلاد ومستقبلَ الشعب.
فليَهُبّ شعبُ لبنان غاضباً على مُـجرِّحي وطنه الـمفترَض (؟!) أَنّهم مسؤولون عن مصير لبنان الدولة وشعب لبنان الوطن.