هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1079: ميلادٌ يوميٌّ للسعادة

الحلقة 1079: ميلادٌ يوميٌّ للسعادة
الأربعاء 26 كانون الأول 2012

بين الميلاد أَمس ورأْس السنة بعد أسبوع: شهقةٌ زمنيةٌ تَـملأُها سنوياً دُعاءاتٌ وتَـمنياتٌ وأُمنياتٌ ومعايداتٌ تصاحبها تنجيماتٌ وتوقُّعاتٌ مـمَّن ينقلون احتسابات الفلك إلى حسابات الأرض. غير أَنّها جميعَها تنظيراتٌ شفويةٌ وكلماتٌ عفويةٌ ومخاطباتٌ مُـجامَلاتيّة قلَّما تُغيِّرُ واقعاً أو تُـحَسِّنُ حالة.
فالسعادة الحقيقية تبدأُ من الذات فتُرضي الذاتَ أولاً، وقد يكون لها بعدئذٍ أَن ترضي السوى في حالات مضيئة.
بهذا السياق قرأْتُ أَمس في موقعٍ إلكترونـيٍّ موضوعاً عنوانُه “تسع مُبادرات يومية تجعلك أكثر سَعادة”، أُشارككم بها لعلَّها تضفي على سعادتكم اليومية ما لا تضفيه المجاملات التنظيرية والمعايداتُ التقليدية هذه الأَيام.
مقدِّمة الموضوع لافتةٌ في بساطتها العميقة، وفيها: “إذا السعادةُ هي المعيار الوحيد للنجاح، فإِسعاد الغير أفضلُ تعبير عن هذا النجاح. ولكن… لا يُمكن إسعاد الغير قبل إسعاد الذات”. ومن هنا بَزَغَت المبادرات التسع التالية:
الأُولى: إبدأْ كلّ يوم بِتَوَقُّعٍ ترنو إليه. فالحياة مَـجموعةُ توقُّعات يصُحُّ بعضُها ويسقط بعضُها الآخر. فاجعل فور نهوضكَ من الفراش تَوَقُّعاً تُريدُهُ يَصُح، وابدأْ نهارك بفكرة تحقيقه.
الثانية: فَكِّرْ بأَولويات نهارك. الضغط ينجُمُ عن التفكير بكثرة الانشغالات وكيفية إِنجازها. اخْتَرْ منها إنجازاً واحداً اجعله أَولويَّتَك وابدأْ به نهارك.
الثالثة: قدِّم هديةً لأَحد. وهذه ليست بالضرورة ماديةً في ورقةٍ ملوَّنة. قد تكون ابتسامةً لطفل في الطريق، أَو كلمةَ تشجيعٍ أَو شكرانٍ أَو بادرةَ حُسْن نية تـجاهَ أَحد، فتشعرُ أَنك وضعتَ في قلبٍ آخرَ نبضةً من فَــرَح.
الرابعة: تجنَّب النقاشات العقيمة حول السياسة أَو الدين، فليس فيها رأْي واحد، وقد تجُرُّ إلى لحظاتٍ من التوتر. لذا اقطَع الحديث بها من أَوَّله مبرِّراً أَنه لا يَهُمُّك.
الخامسة: افترِض الآخرين ذوي نوايا حسنة. فطالـما لا تستطيعُ قراءةَ الأفكار لا يمكنكَ تفسيرُ تصرفاتٍ منهم قد تُثير انزعاجَك إِن افترضتها سلفاً سلبيّة. لذلك افترِضْ أَن نواياهُم حسَنة فتترك مكاناً لكَ كي تواصل حديثكَ لهم أَو جلستكَ معهم.
السادسة: تَذَوَّقْ طعامَك بِلَذّة. قد لا يصُحُّ لك أَن تأْخذَ وقتكَ فتجلس إلى مائدةٍ متنوعة. لذا، على الأَقل مرةً واحدةً في النهار، تَناوَلْ وجبةً تُـحبُّها وتتمتَّعُ بِـمذاقها، ولو كانت لقمةً واحدة من جبنةٍ أو شوكولا تركِّـزُ على ابتلاعها بِــلَــذَّة.
السابعة: عدوُّ السعادة الأَكبر هو القلَق، خصوصاً من مُـجْرياتٍ خارجَ سيطرتك. لذا ركِّزْ على عَمَلٍ تقوم به وتُتْقِنُهُ بِتُؤَدَة، ولا تَشغَل بالَكَ بالقلق على ما لم تَبدأْ به بَعد وتشعر أَنك قد لا تُتْقِنُهُ أَو لن تَستطيعَ إِنْـجازَه.
الثامنة: لا تُدِرْ جهاز التلـﭭـزيون خلال عملك، لأَنه يَسرقُ انتباهكَ إلى أُمور تُلهيك عما بين يديك أَو في تفكيرك، فتُوَزِّع نظرَكَ بين عملِك وشاشة التلـﭭـزيون وتشتِّت التركيز فتفقد القدرة على الإنجاز في وتيرة مرتاحة.
التاسعة: قبل أَن تذهبَ إلى النوم دَوِّنْ ولو إنجازاً واحداً مُفْرحاً تكونُ حَقَّقْتَهُ نهاراً أَو حَدَثاً هنيئاً صادفْتَه أَو صَنَعْتَه. قد يتراوحُ بين أَمرٍ بسيطٍ كإسعادك فقيراً أَحسنتَ إليه في الطريق، أَو إِتمامِ صفقةٍ بِـمبلغٍ كبيرٍ لم تكن تَتَوَقَّعُه. لا يَهُمُّ حجمُ الإنجاز بقدْرِما يَهُمُّ أَنك أَنهيت نهارك بلحظةٍ من السعادة قد لا تتكرَّر في يومٍ آخر.
***
هذه تسعُ مبادراتٍ تجعلنا، إن وُفِّقنا إليها، أَكثرَ سعادةً في حياتنا اليومية.
فما أَبسط السعادة. إنها كزهرة الـمانيوليا من يدِ الحبيبة: جميلةٌ على أَناقة، بسيطةٌ على جمال.
بهذه البساطة فَلْنَتَمَنَّ السعادةَ لِــذَاتنا أَولاً، كي نَسعى إليها، ثم للآخرين حتى يكونَ إِسعادُنا إِياهم، فعلاً لا قولاً، تَـمَنِّياً عمَلياً بِـميلادٍ يوميٍّ للسعادة، وبعامٍ جديدٍ مزهرٍ أَياماً هانئةً سعيدة.