هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1076: ضوءٌ لبنانيٌّ من فيليب سالم ومايكل دبغي

الحلقة 1076: ضَوءٌ لبنانيٌّ من فيليپ سالم ومايكل دبغي
الأربعاء 5 كانون الأول 2012

أَيضاً وأَيضاً: هوذا وفاءٌ لِــبُـنُوَّة لبنان من عَلَم عالَـميّ لبناني.
بعد شارل العشي (الحلقة الماضية-الأَربعاء الماضي) أَطلّ علينا وفاءٌ لبنانـيٌّ آخرُ سَطَعَ في سماء لبنان آتياً من شهرةٍ عالَمية.
إنه الدكتور فيليپ سالِم الذي أَطلق بُنُوّته للبنان الأُسبوع الماضي خلال احتفال تكريمه في بيروت، حاملاً معه بُنُوَّةَ لبنانِـيٍّ عالَـميٍّ آخرَ: الدكتور مايكل دبغي الذي على اسمه كانت دورةُ التكريم.
قال فيليپ سالم: “هذا التكريم اليوم يتِمُّ بحضور عظيمٍ من عظماء لبنان في العالم. مايكل دبغي مات لكنّ حضوره في العِلْم والعالم لن يموت أبداً. ملأ الدنيا بشُهرته لكنه في جلساته الحميمة هو ابن شاكر دبغي من جديدة مرجعيون، وكم كان يطيب له أَن يحدِّثني عن والديه وخصوصاً عن والده الذي كان ينتظر جلوس الأُسرة إلى طاولة العشاء حتى يُدلي بإِرشادٍ غالباً له عنوان واحد: المدرسة والعِلْم والتَّفَوُّق العلمي”.
وأَكَّد فيليپ سالم: “هكذا المعجزةُ اللبنانية: آباءٌ وأُمهات بالكاد يعرفون ما هي المدرسة، ربُّوا أَولادهم على حُبّ المدرسة وحُبّ العِلْم. وكان مايكل يرتاح أَن يحكي لي عن الأَهل والأَرض ولبنان، ويردِّد لي: “كم أَنا فخورٌ بأَنني وُلدْتُ من أَبوَين لبنانيّين”.
***
وفي جلستي إليه، مساءَ الخميس الماضي، كرَّر لي فيليپ سالم ما كان في خطاب التكريم قاله عن والده أَديب سالم في بطرّام: “كان والدي يحدِّثنا دوماً عن التفَوُّق، لكنه ما كان يدرك حجم الأَلم وحجم التحدّي، ولا أنّ روحه واكبتْني على طول طريقي الذي كان فيه الأَلـمُ صديقي والفشلُ رفيقي، فعبثاً نبلغ النجاح دون المرور بالفشل والأَلم. ظلّ والدي يحدّثني عن الرجال الأقوياء، حتى اكتشفتُ سراً لم أَكُن أَعرفه ولا إِخال والدي كان يدركه: أَكبرُ قوةٍ في الأَرض أَن نكون في خدمة الضعفاء، وليس أَضعفَ من مريض مصابٍ بمرض سرطاني”.
وختَمَ فيليپ سالم: “بهذا المفهوم نشأْتُ على رؤيةٍ مغايرةٍ عن الرؤية التقليدية لماهية الطب: أَنّ هدف التربية ليس الحصولَ على المعرفة بقدْرِما هو خلقُ إِنسانٍ جديد، لا يتلقّى معرفته طالباً من معلّمه، بل مدَرِّباً عقلَه ليُصبح عقلاً فاعلاً مبدعاً قادراً على صنع المعرفة. بهذا المنطق آمنتُ أَن الطب يرتفع فوق الجغرافيا والوطنيات والإيديولوجيات والدين والقانون، ليَبْلُغَ الإنسانُ معه أَقربَ مكانٍ إلى الرسولية”.
***
ها نحن إذاً أَمامَ عَلَمَين عالِـمَين عالَـمِيَّين من لبنان: مايكل دبغي من مرجعيون، وفيليپ سالم من بطرّام. كلاهما غادر لبنان لكن لبنان لم يغادِرْهُ، كلاهما حملَ لبنانَ في قلبه وذاكرته وقِيَمِهِ الأَخلاقية، كلاهما فخورٌ بلبنانه ولبنانيّته وإِرثه اللبناني، وكلاهما شَعَّ اسمُه في العالَـم مترادفاً مع اسم وطنه الذي في بعض إِشعاعه القِيَمُ، في بعض رسالته الإبداعُ، وفي بعض تراثه أَنّ أَبناءَه أُصلاءُ لأَرضهم الأُم، أَوفياءُ لِـما حملوه منه معهم، جيلاً فجيلاً، حتى لَـهُو فَريدُ أَوطانٍ: يُطْلِعُ أَبناءَه إلى العالَـم، فيَطْلَعُ الضوءُ من إِبداعاتهم وإِنجازاتهم، ويَطَّلِعُ العالَـمُ منهم على وطنٍ له، خارجَ الديموغرافيا والجغرافيا، اسمٌ ساطعٌ آخر: “المعجزة اللبنانية”.