هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1068: اللي استحو… ماتو!!!

الحلقة 1068: اللي اســتَــحــو… مــاتـو !!!
الأربعاء 10 تشرين الأول 2012

عاد إلى الواجهة موضوعُ سلسلة الرُّتَـب والرَّواتب، وعـاد يُثير في الناس الاضطراب وفي الشارع الإضراب.
وعاد الـمعنيّون في الحكومة إلى الاستمهال “بَـحثاً عن مواردَ لتغطية الزيادة التي ستَسْتَوْجبها بنودُ هذه السلسلة”.
وعاد الـمعنيّون من موظّفين ومعلّمين ومتقاعدين يسمعون الوعود إياها والتسويفات إياها والعبارات المعسولة إياها، ولا نورَ واضحاً في كلّ هذه العتمة إلاّ اعتراضُ بعض الوزراء على حرمانهم من زيادة السلسلة!!!
هكذا، وبدون رفّة جفن: يطالب بعض الوزراء بزيادة رواتبهم وتعويضاتهم أُسوةً بـمُعلّم فقير في ضيعة، أو موظَّف دؤوب في دائرة، أو متقاعد لم يعُد يكفيه معاشه التقاعدي ثمن دواء يقيه من الموت.
لن أُناقش هذا الأمر، فهو بديهي لا يـحتمل المناقشة. وعوض النقاش، أَقرأُ أَمامي خبرَين في مـجلّتين:
الأول في مجلة “لو ﭘـوان” الفرنسية (الخميس 17 أيار 2012) وفيه: “مع أول جلسة لـمجلس الوزراء على عهد الرئيس الجديد فرنسوا هولاّند، قرّرت الحكومة مـجتمعةً تـخفيض 30% من رواتب الوزراء، وتـخفيضاً مـماثلاً لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مارك إيرُوْهْ بقانون يصدُر عن مـجلس النواب. وبذلك انـخفض راتبُ الرئيس ورئيس الحكومة من 21،300 يورو إلى 14،910 يورو، وراتبُ الوزير من 14،200 يورو إلى 9،940 يورو. كما قرّر مجلسُ الوزراء تخفيضَ نفقات كلِّ وزارة بنسبة 10% من النفقات الحالية. ونبّه الـمجلس كلَّ وزير إلى “السهر الدقيق على نفقات وزارته، وخصوصاً على الفصل الحاسم بين نفقاته الشخصية من ماله الخاص والنفقات العمومية في وزارته”.
الخبر الآخر في مـجلة “الأرجنتين المستقلة” (السبت 12 أيلول 2012) وفيه: “قرّر رئيس الأوروغواي خوسيه موهيكا أن يقتطع90% من راتبه الشهري (12،500دولار) وتحويلَها إلى المحتاجين من أبناء بلاده. وهو أفقر رئيس دولة في العالم، لا يملك شخصياً إلاّ سيارة ﭬـولكسـﭭـاغن عتيقة (موديل1970) ويسكن في بيت متواضع جداً من ضاحية مونتي ﭬـيديو، وسيوزع الـ90% من راتبه على منظَّمات غير حكومية تتعاطى الاهتمام بالسكن، وسيفتح عدداً من غرف بيته لـمَن هم بدون بيت حتى تؤمِّن لهم السكنَ وزارةُ الشؤون الاجتماعية”.
أمام هذين الخبرين لا أَحتاج إلى التعليق على سُلوك بعض وزارئنا “الأشاويس الفقراء إليه تعالى” الرافضين الإبقاءَ على رواتبهم ومـخصَّصاتهم مطالبين بزيادتها أُسوةً بالمعلّم الفقير والموظّف البصير والمتقاعد النقير، حتى يواصلوا، من غير شرّ، جهودهم “المحمودة” لإنقاذ الوطن من أَزمته الاقتصادية.
يقولونها بالصوت العالي ويَدْرُسون بالصوت الواطي كيف يُـمَوّلون سلسلة الرُّتَب والرواتب.
يقولونها بضمير حيّ ويعملون بالوعي الحيّ على رصْد كلّ حيّ كي يصطادوهُ في كلّ حيّ.
يقولونها ويستعدّون لانتخابات أيار 2013 آملين أن ينتخبهم الشعب فيكملوا خدمته وإنقاذه، كنوّاب، من النوائب.
يقولونها ويصرّحون لوسائل الإعلام أنهم لا ينامون من “كثرة الشغل”، وأنهم يسهرون ليلَ نهار كي يؤمّنوا رفاه الشعب.
يقولونها… نعم. لكنهم لا يقولون معها مقولةً لبنانيةً تختصر “وَطَنِيَّتَهُم” بثلاث كلمات فقط.
ثلاث كلمات تقول: “اللي استحو… ماتو”.