هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1067: حقوق إحقاق الاستحقاق الحقيقي

الحلقة 1067: حُقُوقُ إِحقاق الاستحقاق الحقيقيّ
الأربعاء 3 تشرين الأول 2012

تَـحتلُّ مقدِّماتِ نشراتِ الأخبار هذه الأيام، وعناوينَ الصُّحُف ومطالعَ الأحاديث الصالونية، مناقشاتُ قانون الانتخاب، بين مؤيدي قانون “الستين” ورافضيه، ومؤيدي قانون “النسبية” ورافضيه، ومؤيدي قانون “الدوائر الصغرى” ورافضيه، وتتلاطَمُ الأَحاديث الإذاعية والتلـﭭـزيونية والصحافية والتصاريح والبيانات والخُطَب المنبرية حتى تـُحدثَ أمواجُها المتلاطمةُ ضجيجاً زَبَدياً يَنتظر بلوغَهُ الشَّطَّ كي يبتلعَه عطشُ الرمل وفراغُ الحصى، حين تدقُّ الساعة ويدقُّ الناظِرُ جرسَ الدخول إلى الـﭙـرلُـمان للتصويت على ما تكون التوصية جاءت به من قرار.
المواطنُ يسأل (المواطنُ العاديُّ الذي داخ من تقليب الـمحطات الإعلامية وتغليب الـمطبّات العنترية)، يسأل: “من كل هذا الذي يـجري، أَين أَنا”؟ ويتأمل غاضباً مقهوراً كيف الـجميعُ يتحدَّثون باسمه ويدّعون العمل على تأمين التوازن وإعادة الاعتبار وتصويب الماضي وحقوق هذه الفئة أو تلك، فيما المواطن – المواطن العادي- ليس بالسذاجة التي يظنُّها السياسيّون، ويعرف، تماماً يعرف، أنَّ هذه الـ”هَوْبَرة” في النبرة والـمُزايدات، واجهةٌ لأَمرَين: رئاسةِ الجمهوية وخوفِ كلٍّ بين الأفرقاء من استحواذ الآخَر عليها، ورئاسة الحكومة وخوفِ كلٍّ بين الأفرقاء من بلوغ الآخَر السراي الحكومي واستئثارِهِ بأكثرية لا تلائم خصومه، من دون إغفال ما قد يترتَّب حتى على رئاسة ساحة النجمة من مفاجآتٍ ربّما تفرضها تغيُّراتٌ إقليميةٌ تشغَلُ مجلس الأمن ومجالس الأمان في العالم.
هكذا يبدو قانونُ الانتخاب شاغلَ الناس في البيوت، وشاغلَ المسؤولين من قبّة بكركي إلى تلّة بعبدا، ومن لجنة مصغَّرة إلى حوار مكبَّر، ومن مشروعٍ ينافحُ عنه واضعوه إلى آخرَ يتلقّى ضربات خصومه، حتى ليتناهى القول إنّ نوعاً من “بابل” العصر يُـخيّم على برج لبنان، عنوانُه: الفارق الشاسع بين وادي مشروعٍ، ووادي مشروعٍ آخر، ولا يَـجمعُ بين الواديَين العميقَين المتباعدَين سوى جبلٍ واحد: تهافُت السياسيين إلى تفصيل قانونِ انتخابٍ على قياسهم هُم لا على قياس الوطن، وتطريزهِم دوائرَ انتخابيةً تضمَن وصولَ المرشَّحين لا حاجاتِ الناخبين، وإلْـهاء المواطنين بالنظر إلى أَكَمة أيار 2013 فيما الشغل هو ما وراء أَكَمة أَيار 2014.
وهكذا يـمرُّ لبنان في هذه الفترة، وإلى فترة مقبلةٍ مجهولة المدى، بين “غيتو” مشروع، و”ﭬـيتو” مشروع، بين زيارات انتخابية استعراضية تدَّعي أنها ليست انتخابية، وتصاريحَ استفزازيةٍ بحجّة الدفاع عن المواطن فيما هي حجّةٌ لاستقطابِ أَزلامٍ ومـحاسيبَ ومناصرين، وكلُّها مشاريع “ﭘـوانتاجات” انتخابية مسبقة، فيما تتراجع إلى المساحات الخلفية أَولوياتُ مشاريع الإنماء والبنية التحتية والكهرباء والبنزين وسلسلة الرتب والرواتب وتهديداتٌ باعتصاماتٍ وإضراباتٍ آتيةٍ إن لم تتحقَّق حقوقُ مَن وعدَتْـهُم الحكومة بتحقيق مطالبهم ولم تحقِّقها بعد.
بين استحقاق أَيار 2013 واستحقاق أيار 2014 وما بينهما من استحقاقاتٍ يَـحتاجها الـمواطن وإحقاقات تفرضها الأحداث الإقليمية، يقفُ الـمواطنُ اللبنانـيُّ اليوم على حَـدّ القلق: عينٌ على مـا يُـحيط بلبنان من خارجٍ ملتهب، وعينٌ على ما يُـحيقُ بلبنان من داخلٍ متقلِّبٍ على جَـمْرٍ يؤجِّجه شدُّ الحبْل كلٌّ إلى صدْره ومصالـحه الشخصية لا الوطنية، من دون أن ينسى كلٌّ منهم ادعاءَ العمل على التمثيل الصحيح والتوافق على قانونٍ واحدٍ تُـجمع عليه القوى والتيارات.
ومن استحقاقٍ إلى آخَر يظَلُّ المواطنُ اللبناني يتساءَل كلّ يوم: متى يَستحقُّ حقّاً أن تَتَحَقَّقَ له حُقُوقُ إِحقاق الاستحقاق الحقيقيّ؟