هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

741: تلك الليلة الخضراء

تلك الليلة الخضراء
السبت 28 نيسان 2012
-741-

لافتةً وفريدةً كانت تلك الليلة الباريسية الخضراء.
نظّمها قبل أيامٍ، ندوةً تثقيفيةً ومعرضاً زراعياً، اتحادُ نقابات المستثمرين الزراعيين، وكان عنوانها: “المياه”.
وإلى الساحة عند أقدام برج إيفل تقاطر نحو 1000 مزارع يطّلعون على أفضل الوسائل للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية العظيمة، وكيف الخبراء يوجّهون الشعب إلى كيفية الحفاظ عليها.
كل هيئة مشاركة عرضت نتاج أرضها وكيف تتعامل معه وتتعاطى مع المياه وتزاوج بين الثنائي الزراعة/المياه، وكيف تتّبع ترشيد استعمال المياه وتخفيف الهدر من استهلاكها.
ودارت الندوات حول المياه، ثروة هذا الكوكب، ورأْس اهتمامات الخبراء في الإضاءة على رهانها غذائياً، صحياً، بيئياً، اقتصادياً واجتماعياً. فلإدارة استعمال المياه أُسسٌ وقوانينُ ونُظُمٌ تتعدّى القطاع الزراعي إلى حاجات الناس اليومية في كل قطاع. من هنا أنّ حسن إدارتها يجب أن يخضع للتوعية على الحفاظ، كما على الاستعمال، كما على الادّخار.
هذه الإرادة القوية من القطاع الزراعي الفرنسي لتغذية الناس وتوعيتهم، استضافت مالي الغنية بثرواتها (الزراعية في 80% من أراضيها الخصيبة) إنما غير الغنية بحُسْن إدارة مواردها، ما جَعَلَ مشاركتها في “الليلة الباريسية الخضراء” فرصة لتحسين إدارة هذه الثروة في مصادرها الطبيعية.
هذه الإرادة في نشر الفائدة هي المعيار الرئيس لتعميم الخبرات الحديثة والتكنولوجية في خدمة الإنسان، رفاه الإنسان، شبع الإنسان، وتجنيبه الوقوع في خوف الجوع وذُلّ الفقر وخَطَر العطش.
دولة واعيةٌ أهمية الزراعة تجمع آلاف المزارعين لترشيدهم وتزويدهم بأفضل ما يغْني مواسمهم ويجنّبهم هدرها.
أين نحن من كل ذلك؟
في لبنان موارد طبيعية غنية متنوعة خصيبة، فهل مَن يقوم إليها؟
وفي لبنان مزارعون ورثوا أَرضهم ويورّثونها مُـخصِبينَها كي تظلّ تعطي، فهل مَن يقوم إليهم؟
متروكون لأراضيهم، لِـخَطر بَوار مَـحاصيلهم، لِـهُمُوم بيع مواسمهم، لقلق تأمين أسمدةٍ وأدويةٍ زراعية، فهل مَن يقوم إليهم؟
فرنسا تقارب الأزمة الزراعية في تقريب المدن من الأرياف بأنشطةِ تحفيزٍ ودوراتِ توعيةٍ تأتي لها بخبراء دوليّين يقدّمون خلاصات تجاربهم، فهل مَن يتنبَّه إلى الحقل الزراعي اللبناني، يأتي له بخبراتٍ تزيد من إنتاجيّته وتُطَمْئِنُ المزارع اللبناني إلى غدٍ آمِن؟
سهلُ البقاع كان وحده مستودع أهراءات الأمبراطورية الرومانية، فماذا عنه اليوم؟ وكيف يستفيد لبنان منه ومن مُزارعيه؟
سهولُ لبنان وحقولُهُ خصيبةٌ خيِّرة، فهل مَن يُعين مزارعيها على حُسْن استخدامٍ أو إخصابِ نتاج؟
أَلا نهضةً واعيةً مسؤولة، حتى يظلَّ لبنان الأخضر واقعاً جميلاً، ولا يبقى جميلاً فقط في القصائد والأغاني.