هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

739: هذا العنف… هذا العنف

هذا العنف… هذا العنف
السبت 14 نيسان 2012
-739-

إنه جلاّدُ هذا العصر وكلّ عصر.
يوضاسُ البلاد الذي لا ينام.
عنفٌ بقفّازين ضاربَين: الحقد والتطرُّف، لا عنوان لهما ولا إقامة إلاّ في قلوب سوداء تَصرَع ولا تُرْدَع.
ضابط أميركي في أفغانستان تسلّل ليلاً من قاعدته العسكرية إلى قرية مجاورة وقتل 16 أفغانياً نائمين في بيوتهم.
شابّ جزائري في تولوز يصرع ثلاثة تلامذة ومعلِّماً، حتى إذا صرعه رصاص البوليس انتفض والده ضد الرئيس الفرنسي ساركوزي لأنه غمز من قناة دينية، وصرخ: “إخرس يا رئيس الجمهورية. كن لائقاً واخرَس. دعَ ولدي ينام مرتاحاً”.
رجل أميركيّ في فلوريدا قتل جاره الشاب ورأت جريدة “أورلندو سنتينِل” أنّ وراء الجريمة بدعة دينية.
كوريّ أَربعيني في أوكلند قتل ستة أشخاص في كلية جامعية دينية قرب سان فرنسيسكو.
ولد أميركي (9 سنوات) أصاب بمسدس والده رفيقته في الصف أمينة باومَن (8 سنوات) في بريمِرتون (ولاية واشنطن).
ولا تنتهي الأحداث… ولا ينتهي هذا العنف المتلبّس أحد قناعَين: الدين والسياسة.
مع أنْ لا الدين – أيُّ دين – يبرّر القتل، ولا السياسة – أيُّ سياسة – تبرّر أن تكون مطية للإجرام.
ثمة سياسيون يستغلون جريمةً لينطلقوا منها إلى مصالحهم الخاصة، كما قيل إن ساركوزي استغلّ جريمة تولوز لمصلحة حملته الرئاسية ضدّ خصمه فرنسوا هولاّند، بإلـماحه إلى منحى عنصري في الجريمة ألّب عليه أخصامه السياسيين، أو كما تداوَلت جهات معنية في جرائم أُخرى أنّ وراءها دوافعَ دينية ذات صلة بالمذاهب والفصائل والبِدع.
وأكثر: ثمة أنظمة سياسية “تُصَمّم وتنفّذ” مجازر منظَّمة ضدّ شعبها وليس من يعترض، أو تصدُر اعتراضات خجولة تراعي مصالح الدول والأنظمة… وربما الأمم المتحدة في بعض أصواتها.
هنا المنطق الذي يدور – وقد يستمر يدور – في المحافل والمجتمعات: ليس للجريمة هوية ولا دين. ولا يمكن الحُكْم على جريمة، كلّ جريمة، بأن دافعها ديني أو إرهابي أصولي أو سياسي، مع أن الأنظمة السياسية في معظم الأحيان والأماكن (خصوصاً التوتاليتارية منها) هي التي تكون عادة وراء صراعات محلية تؤجِّجُها فتجعل شعبَها فريقَين متواجهَين متخاصمَين متقاتلَين، ما غالباً يضمن لها بقاءَها في الحُكْم ولو على جماجم الفئتَين معاً.
هذا القتل… هذا القتل…
منه السياسيّ ومنه الدينيّ، وكِلا الدين والسياسة منه براء.
لن يكون منه خلاصٌ أو تضاؤُل إلاّ متى عاد الإنسان إلى إِنسانيَّته.
وعندئذٍ هي التي تَقْتُل.
تَقْتُلُ الذئْبَ الذي فيه.