هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

729: ثقافة صالِحة للنشر

ثقافة صالِحة للنشر
السبت 4 شباط 2012
-729-

المعرض الفرنسي الدّولي للكتاب يستقبل اليابان ضيفاً على دورته الثانية والثلاثين (16 آذار المقبل) فتشهد پاريس احتفالاً أدبياً مع 22 كاتباً يابانياً بينهم كِنْزابورو أُوِيْ (نوبل الآداب 1994) وهيدِيُو فوروكاوا (صاحب أكبر سلسلة روائية يابانية تصدر ترجمتُها الكاملة إلى الفرنسية هذا الربيع)، والشاعرة مادوكا مايُوزُومي (قصائدها الـ”هايكو” القصيرة متداوَلةٌ عبر الرسائل النصية على الهواتف الخلوية)، إلى ريزا واتايا وميتسُويُو كاكوتا أبرز كاتبتَين يابانيَّتَين معاصرتَين، وأسماء أخرى لامعة في الأدب الياباني الذي هو ثاني أكثر اللغات العالَمية ترجمةً إلى الفرنسية.
السنة الماضية استقبل المعرض 200 ألف زائر، وهذه السنة يَجمع نحو 1200 ناشر، ويخصِّص للقسم الياباني الضيف جناحاً من 500 متر مربَّع.
عن رئيس لجنة المعرض، الناشر أنطوان غاليمار، أنّ “استضافة اليابان هذه السنة لسببَين: التضامن معها بعد كارثة الزلزال والتسونامي في 11/3/2011، والعلاقات الوثقى بين البلدَين والأدَبَين الفرنسي والياباني”.
الظاهرة في ذاتها لافتةٌ نوعاً وحجماً وحافزاً للدلالة على تضامن ثقافي يَجمع بين الدول والبلدان والأوطان، لا عبر السياسة التي تتحرَّك وتتغيَّر وتتقلَّب، ولا عبر سياسيين ينصاعون غالباً لاتجاهات السياسة، بل عبر الأدب والفكر والإبداع في منابعه المتعدّدة ونتاجه المتنوّع.
أن تكون اليابانيّة ثاني أكثر اللغات ترجمةً إلى الفرنسية، فدلالةٌ على أنّ هذا الأدب الغني جدير بالانفتاح عليه اطّلاعاً وترجمةً واكتسابَ مصادر جديدة للفكر الإنساني تأتي من بلادٍ عريقةٍ في التراث الأدبي والفكري، شديدةِ الدّقّة في التعامل الجِدِّيّ مع الوقت والإنتاج، وليس الأدبُ بعيداً عن حصيلة هذا الأخير.
وأن تندرجَ هذه الاستضافةُ إلى فرنسا في أنشطة معرضٍ للكتاب يستقطب آلاف الزوّار إلى أجنحته، ففرصةٌ لروّاد المعرض يطّلعون على الأدب المترجَم إلى لغتهم ويلتقون أعلامه، وفي ذلك تَلاقي الأدَبين والثقافتَين والفكرَين وما ينجم عنه من إغناء إنساني.
وإذا التلاقُح من طبيعة التواصل البشري فالتثاقُف من طبيعة التواصل الإنساني، وهنا فائدةٌ رئيسةٌ لِمعرض الكتاب ألاّ يقتصر على مجموع أجنحة للعرض والبيع بل يفتح أجنحة للتعرُّف والتضامن والتقارب الفكري والإنساني، ما يُغْني الأدبَ الضيف وقراءه، والأدبَ المضيف وقراءه، لتكتمل دورةُ فائدةٍ هي رسالةُ الأدبِ الأولى: شعرِه والنثرِ وسائرِ فروعه وأنواعه.
والناشر المثقَّف هو الذي لا يكتفي بالإنتاج التجاري طباعةً وتوزيعاً، بل مَن يعرف كيف يَجعل من منشوراته نافذةً على الفكر الإنساني، به وحده يَجعل مادَّةَ كتُبه حاجةً لا تطويها الأيام.