هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

726: السينما ناقلةُ الثقافة؟ أمْ مِرآتُها؟ (2/2)

السينما ناقلةُ الثقافة؟ أَمْ مِرآتُها؟ (2/2)
السبت 14 كانون الثاني 2012
-726-

لم تعُدْ أداةَ ترفٍ وحسْب ولا وسيلةَ تسليةٍ فقط، بل أَصبحَت غايةً لَها هدفٌ ورسالة.
في كتاب “هل تَجعلُ السينما حياتَنا أَفضَل؟” أوضح الكاتب الأميركي ستانلي كاڤل، أستاذ الجماليات ونظريات القِيَم في جامعة هارڤرد، أن “السينما أفضلُ ناقلٍ قِيَماً وعاداتٍ وتقاليد، وذات تأْثير ثقافي على مُتلقّيها منفعِلين ففاعلين”، ما يَجعلُها وسيلةَ إيصالِ فكرةٍ أو عقيدةٍ استخدمها حكّام للتأثير على الرأْي العام، مثلما استعملها غوبلز أيام هتلر للپروپاغاندا النازية، أو ستالين بإيعازه إلى سيرغي إيزنشتاين تَحويل نصوص روائية إلى أفلام تُمجّد الثورة البولشيڤية ونظامها.
وكما تستخدمُ الأنظمةُ السينما أداةً ووسيلةً، تروّج الدول لحضارتها بأفلام تُبرزها في حُلَلِها الأبهى، فتَنْقُل إلى الشاشةِ صفحاتٍ من تاريخها، في لغتها الأصلية أو في الترجمة النصّيّة أو الدبلجة الصوتية، تتوزع أفلاماً في صالات سينما يرتادها الملايين في جميع أنحاء العالم. وهذا ما تغنمه أيُّ دولة لإبراز وجهها الثقافي والحضاري والتاريخي منقولاً بالسينما، واسطةً لم يستطع التلڤزيون أن يلغيها، ولو جعلها أبرزَ مقصوديةً بينما يقصد هو الناس إلى بيوتهم في سهولةِ أن يستريحوا ويشاهدوا.
من عالَمية السينما ودورِها ناقلةَ ثقافةٍ وتراثٍ وتاريخ، أصل إلى السينما اللبنانية التي تسجّل نجاحاتٍ على المستوى المضموني والتقني، يَخوضها أصحابُ مواهبَ لافتةٍ يُحرز بعضهم جوائز إقليمية أو عالَمية، لأتساءل في سياق “السينما ناقلة هوية وثقافة”: كيف لا يلتفت المشتغلون في السينما اللبنانية إلى نصوصٍ لبنانيةٍ صادرةٍ رواياتٍ طويلةً يَجمُلُ نقلها إلى سيناريوات، أو قصصاً قصيرةً يُمكن قطْفُ نواتِها والنسجُ حولها في سيناريو مُطَوَّلٍ متكامل.
فمثلما نشاهد أفلاماً عالَميةً أو عربيةً مأخوذةً من روايات، يزخر أدبنا اللبناني بنصوص روائية تعكس ثقافتنا وتاريخنا وتراثنا وهويتنا وشخصيتنا اللبنانية، يُمكن السينما أن تكون ناقلتَها إلى العالم عبر سيناريو جيد وحوار مدروس، فيخرج لبنان إلى العالم في أفلام مترجَمة أو مُدَبْلَجة إلى الأجنبية، كما يحصل في أفلام لبنانية نجحت ونالت جوائز.
وفي روايات مارون عبود وتوفيق يوسف عواد ويوسف حبشي الأشقر وسهيل ادريس وخليل تقي الدين، أو في قصص ميخائيل نعيمة وأمين الريحاني وسعيد تقي الدين وفؤاد كنعان وجورج مصروعة وفؤاد افرام البستاني وكرم ملحم كرم وسواهم، أو لدى روائيينا وقصّاصينا الجُدُد، نصوصٌ مأخوذة من واقعنا (“صخرة طانيوس” لأمين معلوف نموذجاً معاصراً)، تشكّل مادةً غنيةً لسينما غنيّةٍ جديرةٍ بأن تَنقُلَ وجهنا اللبناني الثقافي إلى مرايا العالم.