هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

725: السينما ناقلةُ الثقافة؟ أمْ مِرآتُها؟ (1/2)

السينما ناقلةُ الثقافة؟ أَمْ مِرآتُها؟ (1/2)
السبت 31 كانون الأول 2011
-725-

بدأَتْ نوعاً فنياً اتَّخذ الرقم السابع، وترفاً تسلوياً في صالة السينما، وتطوَّرَت صناعة رابحةً ومادةً استهلاكية ناجحة، عابرةً مراحلها من صامتةٍ فَمُتَحَرِّكةٍ بالأسود والأبيض، فإلى الألوان حتى بلغَت اليوم “الأَبعاد الثلاثة” باستخدام نظّارات خاصة.
ومنذ انطلاقها وهي مرآة عاكسةٌ تقاليدَ شعوبٍ وعاداتٍ ومجتمعات تبثُّها على الشاشة أفلامٌ هادفة بعضها مباشرةً وبعضها الآخر خلف الخلاصة.
ومع تطوُّرِها التقني والفني، باتت الوسيطة الفضلى بين سواها من الفنون، تشكيليِّها ومشْهَدِيِّها، في قُدرة تأثيرها بتصوير أَنماط ونماذج لا تكتفي بإبراز أشخاصها المؤدّين تَمثيلاً، بل بإبراز أبطالها الوهميين والحقيقيين، كما في فيلم “آماديوس”، وهي بيوغرافيا المؤلّف الموسيقي موزار، أو فيلم “ساعي البريد” وهي سيرة الشاعر بابلو نيرودا، أو كبارٍ وخالدين من سِيَر التاريخ. فالسينما واسطة فاعلة في نقل روائع الروايات وشخصياتها إلى جمهور أوسع من قرائها مطبوعةً في لغتها الأصلية وحتى في ترجماتها العالمية، كـ”بؤساء” ڤيكتور هوغو، أو “لوليتا” ڤلاديمير نابوكوڤ، أو “ذهَبَ مع الريح” لِمارغريت ميتشل، وسواها.
بذلك لم يعُد الفيلم تسعين دقيقة على شاشة، بل اختصارَ شخصٍ أو تاريخَ شعب بعاداته أو مظاهره الاجتماعية أو الإيديولوجية أو السياسية أو الدينية أو التاريخية، مع ما تَحمل هذه من معانٍ ومدلولات، كـ”الرسالة” لمصطفى العقّاد، أو “المصير” ليوسف شاهين، أو “حياة وآلام السيد المسيح” في سيناريواته المختلفة عبر العقود.
وللسينما دور بالغ في ترسيخ شخصيةٍ ذات رمز اجتماعي، كما جسَّدَ تشارلي تشاپلن في “شارلو” الإنسان المسحوق بالآلة، أو جسَّد “طرزان” البطلَ الذي لا يُقهر، أو جسَّد “جيمس بوند” المخْبرَ البريطاني الذي خلّد هو الآخر أسماء مُمَثِّليه من سين كونري إلى روبرت مور وسواهما.
وإذ تكرَّسَت هوليوود عاصمة السينما العالمية بإنتاجها أفلاماً ونماذجَ وشخصياتٍ في صناعةٍ رائجةٍ رسالةً وكسباً ثميناً ونُجوماً يتابعُهم عشاقُ أفلامهم فيقلّدونَ كلارك غيبل بشاربَيه، وإلڤس برسلي بملابسه …، وسطَعَت منها أفلام الغرب المشتعل والكاوبوي رعاة البقر حتى باتت سينما هوليوود دُرْجَةً تُنْتَظَر، أخذَت دولٌ تستخدم السينما ناقلةً صورة مُجتمعها أو رسالتها الإيديولوجية، كالصين في “المدينة المحرّمة”، وروسيا في “الأميرال” وهما فيلمان ترويجيان للبلدَين أكثر مما هما روائيان وحسْب.
هي السينما ناقلةٌ فعّالة في التأثير الثقافي، ومرآةٌ عاكسةٌ قيَماً ومبادئَ وحضارات بين الشعوب، في أسهل الطُّرُق اقتبالاً: الجلوسُ أمام الشاشة وحضورُ الفيلم بدون أيِّ عناءٍ آخَر.
وماذا عنها بعد؟
نكمل في “أزرار” الأسبوع المقبل.