هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

712: فؤاد سليمان: 100 سنة

أزرار
فؤاد سليمان: 100 سنة
السبت 24 أيلول 2011
-712-

عن وثيقة العمادة أنه وُلد في صيف 1911. وفي معظم المراجع أنّ ولادته سنة 1912. نحن إذاً في مئويّته أو عشيّتها. ما هَمّ. فهو ما زال معنا وفينا وإلينا بكل نبضٍ من شرايين كلماته، هو الْـكانَ عاصفةً في جسمه الضئيل، ورعداً في صوته النحيل، وفجراً في أسلوبه الجميل.
فؤاد سليمان، في أَدبنا، دعوةٌ مستدامةٌ إلى التجديد. وخصوصاً في الأدب. وعلى الأخصّ في اعتزازه بالأدب اللبناني: “يَموتُ الأدبُ في الأرض ولا يَموتُ عندنا. فاللونُ، نحن مَسَحْنا به الحروفَ مسْحاً فأشرقَ الحرفُ في ضياء اللون. ومرَّغْنا هذا الحرفَ العربي بالطِّيْب، فَنَبَتَ الحرفُ من أَقلامنا مثلما تنبُتُ الوردةُ حمراء مخملية” (مقاله في “النهار” – 15 كانون الثاني 1951).
رائعٌ هذا الاعتزازُ بلبنانه وأَعلام لبنانه. وأكثرُ بعد: “الحياةُ الفكريةُ في لبنان لم تكن طارئاً مفاجئاً، ولا وليدةَ الصُّدَف. إنها سلسلةٌ متماسكةٌ من الحياة عَمِلَ لبنانُ لها وفيها، من يوم كان، دعامةً من دعامات الحضارة، ووليدةَ تفاعُلٍ عميقٍ أَثَّرَ في حياة اللبناني فأعطاه فهماً جديداً للقِيَم الأصيلة، قِيَم الحقّ والمعرفة والعمران، وهي كلُّها خير” (مقاله في “المكشوف”-14/6/1950).
أَقتطف بعدُ ولا أَرتوي: “الأدبُ العربي، في عصوره المختلفة، لَم يُعانِ مشكلةً جماليةً أساسيةً عميقة، لأن مفهوم الجمال فيه يكاد يكون مَحدوداً في مقاييسَ ثابتةٍ لم تتبدَّل كثيراً، فبقي على مفاهيمه التقليدية الخارجية ولم يقْرُب النفس الإنسانية، فأساءَ بذلك إلى الجمال كما أساءَ إلى قضية الإنسان نفسه. لذلك يُؤَثِّر الأدبُ اللبناني في العالم العربي اليوم على أنه مثالٌ لِمفهوم الجمال، فاللبنانيون طبَعوا جيرانهم بطابعهم، وبالأخَصّ في الشعر وفي بعض ألوان النثر الفني” (مقاله في “كُلّ شيء”- 19/11/1950).
وَدِدْتُ لو أَقطفُ بعد. فأنا في هذه الأيام منصرفٌ إلى التسعة الأجزاء التي تشكّل مؤلفات فؤاد سليمان الكاملة، وفيها حلاواتٌ من أطيب الأدب، ومواقفُ من أَشَدّ الجرأة، وإطلالاتٌ على مواضيع ثقافية واجتماعية ووطنية وسياسية هي من أَعذب ما يعالِجه أديبٌ بنبضته الشاعرية التي تخترق العقل قبل القلب حتى إذا بلغت القَلْب عَقْلَنَتْهُ إلى الأجمل.
فؤاد سليمان، في أدبنا، قيمةٌ ضروريةٌ لقرّائنا عُموماً، ولتلامذتنا الثانويين وطلاّبنا الجامعيين خصوصاً، كي يبقى في وعيهم أنّ الأدبَ في لبنان حاجةٌ لَهُم لا انتقاء، وأدباءَنا في لبنان ضالعون في قلب حياتنا اليومية وليسوا على هامشها.
والمواطنون الذي يَنشغلون بسياسيّيهم عن مبدعيهم، صائرون، كما سياسيُّوهم، إلى عتمة النسيان.