هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

711: رَبْطُ الحرْفِ بالحَجَر

رَبْـطُ الحـرْفِ بالحَجَـر
السبت 17 أيلول 2011
-711-

اليوم السبت وغداً الأحد، تَحتفي أوروپا بالدورة 28 من “الأَيّام الأوروپيّة للتراث”، في احتفالاتٍ تشمل معظمَ مُدُنِها وعواصمِها، وتشاركُ فيها جمعياتٌ أهليةٌ ومتاحفُ ومؤسساتُ المجتمع المدني: معارضَ ومُحاضراتٍ وأُمسياتٍ شعريةً ونثريةً وموسيقيةً، وزياراتٍ مَجّانيّةً لِمواقع التراث، بَشَرِهِ وحَجَرِه.
الظاهرةُ أطلقَها وزيرُ الثقافة الفرنسيُّ جاك لانغ سنة 1984 كلَّ ثالث أَحَدٍ من أيلول، وتوسَّعَت على أُوروپا فتبنّاها الاتّحاد الأُوروبي منذ 1991، وباتت تشارك بها اليوم خمسون دولةً خلال هذا الـ”ويك إند”.
شِعار هذه السنة: “رِحلةُ التراث”، تُنَفِّذُه استنساباً كلُّ مدينةٍ، على أنه “تَحَدٍّ تعليميٌّ وحَثٌّ على الانفتاح وتَفَهُّمِ التَّنَوُّع واستبيان ما في التراث أَعمقُ من هالة تقديسه”، كما ورد في كلمة وزير الثقافة الفرنسي فردريك ميتّران عن شعار هذه السنة.
وتوزَّع على المحتفين الأوروپّيين نَصٌّ يوضحُ أنّ الغرض الأساسي من “رحلة التراث” هو التركيز على “دينامية التراث الوطني بفضل أعلامه وآثارهم، وتواصُليّة التيارات والثقافات، والتأثيرات التي تقاطعت فولَّدَت أشكالاً من الإبداع جديدة”.
من هذا التّنَوُّع في “رحلة التراث” تَفَرَّدَتْ مقاطعةُ والُّونيا (جنوب بلجيكا) بشعار “تُراث الحَرْف والحَجَر” مُحْيِيَةً أصداءَ كبارٍ (أپُّولينير، ڤيكتور هوغو، پترارك، لامرتين، جورج صاند، …) زاروا وَالُّونيا أو عاشوا فترةً فيها – نُشدانَ وَحْيٍ أو سَكينةٍ داخليةٍ، أو لُجوءاً من مِحنةٍ – واكتشفوا تراثها الغنِيَّ كنائسَ وأنهاراً ومناظرَ طبيعيةً ساحرة، وكتَبوا عنها انطباعاتهم فأَضافوا إلى تراثهم الأدبي تراثاً وطنياً ما زال نابضاً حتى اليوم في كتُبِهم والرسائل.
تَحتفل وَالُّونيا بأولئك الكبار في قراءاتٍ علَنيّةٍ من كتاباتهم عنها، معتبِرةً أن ذلك “ينفُث الحياة في التراث الجامد، بتلاوة قصصٍ وأَساطيرَ وحكاياتٍ وقصائدَ ومقاطعِ رواياتٍ تنفخُ النبض في حجارة البيوت وقرميدِها العتيق، ما يوطِّد العلاقةَ أكثر فأكثر بين الحرْف والحجَر، ويُقوّي المقاربة المشتركة بين المدُن التي تحتفل بتراث مشتَرك”.
بهذه الطريقة، نجحَت وَالُّونيا في إطلاق السينيرجيا (التَّذَاوُب) بين الأدب والعمارة، فأَحْيَت – بنحو 400 نشاط رسمي وخاص – الإطلالةَ المعرفيةَ على تراثٍ ينامُ في أروقة الأبنية وتحت غفوات القرميد.
هذا “اليوم الوطني” يعرفه لبنان (كلّ ثالث خميس من نوّار، ببادرة نبيلةٍ من “المؤسسة الوطنية للتراث”) ظاهرةً مشكورةً عبر زياراتٍ تُنظِّمها إلى مواقع تاريخية وأَثرية.
التّمنّي: أن تتوسَّعَ أكثر، فتَحُثَّ على ربْط الحرْف بالحجَر.
وعندنا تراثٌ أدبِيٌّ غنيٌّ جداً عن مواقعنا الحجَرية، تعود إليها الحياة حين تتردَّد في أرجائها أحرفٌ نابضةٌ من أدب لبنان.