هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1028: شخصية كانت… أمْ إلكترونية!

الحلقة 1028: شخصيةً كانت… أَمْ إِلِكْتْرُونيَّة!
الأربعاء 28 كانون الأول 2011

منذ قُبَيْل الأَحد الماضي حتى بُعَيْد الأَحَد المقبل، تَحفَل الهواتفُ الخلوية برسائلَ قصيرة، وأَجهزةُ الكومپيوتر – ثابتُها والمحمول -، برسائلَ إِلِكْتْرُونيّة للمعايدة والتمنّيات.
الظاهرةُ، إيْجاباً، ذاتُ عافيةٍ نبيلةٍ وحرارةٍ إنسانيةٍ بين الناس تَصِلُ من قريبٍ أو بعيدٍ بين أَصدقاء مَحلّيّين أو من وراءِ البحار، مُستفيدين من تسهيلاتِ الوسائط الإلكترونية وسرعةِ إيصالها وتبليغِها لتَبادُل التهاني والتمنّيات في موسم الأعياد، ما كان قبْلاً يستغرقُ أياماً لوصول بطاقات المعايدة، أو يفرضُ كلفةَ اتصالاتٍ هاتفيةٍ، خصوصاً من خارج الوطن.
والظاهرة، في وجهها الآخَر، ذاتُ بُرودةٍ في الكتابة والتمني، لأن الْمُرسَلَ مُجَهَّزٌ ومُصَنَّعٌ سلَفاً، أَكان رسالةً نَصِّيَّةً قصيرةً على الهاتف الخلوي تُرسَل إلى الجميع من دون تَخصيص أحد، أو فيلماً قصيراً (ڤيديو كليپ) يتوزَّع على لائحة أَصدقاء بعيدين أو قريبين حاملاً شعاراتِ المعايدة وعباراتِ التمنيات.
ولكثرة ما تتوالى الإرسالات، خلويةً أو إِلِكْتْرُونيّةً، يَحَار المتلقّي بين أَيِّها أَجملُ وأَفضلُ وأَكثرُ معنى ومدلولاً. فهي، في النهاية، تُمَثِّلُ مُرسِلِيها الذين تَخلّوا عن بصَماتهم الشخصية وحرارةِ كلماتهم الذاتية، وتَركُوا الأَمر لأَفلامٍ وتعابيرَ جاهزةٍ عامةٍ صالحةٍ للجميع في العيد، حلَّت مكان “كليشِيَات” مأْلوفةٍ شفوياً أو كتابياً في مثل هذه المناسبة.
عباراتٌ صامتةٌ أو متحرّكة، أو مع خلفيّة موسيقية، أَصواتٌ مُنْشِدة، أُغنياتٌ ميلادية، صُوَرٌ للثلج و”پاپا نويل”، وأطفالٌ وغزلانٌ، وعَرَبةٌ يَجرُّها حصان، ورموزٌ وملائكةٌ وبيوتٌ مضاءَةٌ ومغارةٌ ومدخَنة، ومشاهدُ جميلةٌ لا حَصْر لَها، تَحفل بِها عُلَبُ البريد الإِلِكْتْرُونيّ، بالصورة الجامدة أو المتحرِّكة، أو بالأَفلام القصيرة والمعايدات من كلِّ نوع، تَحمِلُها شبكة الإِنْتِرْنِتْ من أقصى العالم إلى أقصى العالم، لتسلُكَ بين الناس حاملةً إليهم جوَّ الفرح وطقسَ البهجة ومناخَ العيد.
الفكرةُ واحدة: تَمنّياتٌ بعيد الميلاد ورأْس السنة. النيَّةُ واحدة: المشاركةُ بفَرْحة العيد. لكنَّ أُسلوبَ التعبير عنها مُختلف، والوسائطَ كثيرةٌ، والوسائلَ متعدِّدة، والسرعةَ قصوى إيصالاً وإبلاغاً، فلن نرى، كما من قَبْل، ساعي البريد يتوقَّف عند باب، يسلِّم بطاقةً أو رسالةً أو هدية.
تغَيَّرَ الزمن. تغَيَّر طقسُ العيد. تغيَّرَت العادات. صارَت الحياة إِلِكْتْرُونيّةً حتى في التعابير الحاملةِ موسمَ العيد.
جميلٌ هذا العصرُ بِما بلَغَهُ من تِكْنولُوجيا. وجميل أن نَحياه بأَقصى تِكْنُولُوجياه.
إنّما الأَساس يبقى القلب. وهو المصدَر. وهو اليُنبوع.
وبين عيدَين: الميلاد ورأس السنة، أُسبوعٌ من الأُمنيات، الأهمُّ فيها أن تَصدُرَ حارّةً عن القلب، صادقةً من اليُنبوع، ولا تَهُمُّ بعدها واسطةُ الإرسال: شخصيةً كانت أَمْ… إِلِكْتْرُونيّة.