هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1026: القانون صورتُكم

الحلقة 1026: القانون صورتُكم
الأربعاء 14 كانون الأول 2011

“القانون صورتُكم”… عبارةٌ لَفَتَتْني في أحد شوارع بيروت على حافلةٍ للنقل العام.
“القانون صورتُكم”… لعلَّها أَبلغُ ما به يوصفُ الْمُشَرِّعون في بلدٍ يقوم حاضرُه ومستقبلُه على قانونيّة التشريع.
“الْمُشَرِّعون”… لَهُم عندنا اسمٌ آخَر: “النوّاب”، “أصحاب السعادة” النواب.
وإذا كانوا جميعاً “أَصحاب السعادة” لقباً، فهل جميعُهم يعملون لـ”سعادة القانون”؟
اللجان البرلمانية المعَوَّلُ عليها رفعُ مشاريع القوانين إلى اللجان المشتركة قبل رفعها إلى الهيئة العامة، هل يصدر عنها دورياً ما يطَمْئِنُ المواطن إلى تشريعاتٍ متواصلة تصدر عن السلطة التشريعية لِحِمايته من كل خطر أو تجاوز أو فواجع؟
في الآونة الأخيرة، نقرأ في اللافتات على الطرقات وفي الإعلانات عن مشاكلَ خطيرة، منها: الاغتصاب الزوجي، تعنيف المرأة، العنف ضدّ المرأة، حماية ضحايا الاغتصاب الزوجي، تشريع حماية المرأة من العنف الأُسَري، استغلال المرأة، احترام جسدها داخلَ البيت كما خارجَهُ على عرض الإعلانات، ومشاكلَ شبيهةٍ لَم نسمع حتى اليوم عن خطوةٍ تشريعية واحدة صوبها.
بل أكثر: أشاحت جهاتٌ نيابية عن مقاربة هذا الموضوع معتبرةً إياه تدخلاً في شؤون العائلة ولا دور للجهات النيابية فيها لأنها مسألة شائكةٌ، في بعضها دورٌ لرجال الدين والهيئات الروحية.
غريبٌ هذا المنطق، وأنتم يا “أَصحاب السعادة” أولياء هذا الأمر في استصدار التشريعات !
بلى يا أصحاب القرار: “القانون صورتُكم”، والتشريع دورتُكُم التي بلغتُموها إلى “ساحة النجمة” بتكليفٍ مباشِر من ناخبيكم. لذا، بِقَدْرِما تعمَلُون على سن القوانين ودرس التشريعات واستصدار ما يليها، تكونون أوفياء لناخبيكم الذين يُسَرُّون بولائكُم لهم ووفائكم لأصواتهم، مثلما يُسَرُّون وهُم يَرَوْنَكم هنا في كوكتيل، هناك في احتفال، هنالك في مناسبات اجتماعية وسياسية ودپلوماسية، لكُمُ الصدارةُ والصَّفُّ الأول والرعاية والتكريم. والأجدر بكم أن تكْمِلوا ما يستوجب لكم التكريم، وهو سَنُّ القوانين واستصدار تشريعات تحمي المواطن الذي كلّفكم تمثيله في مجلس النواب كي تشرِّعوا له وتحموه ببنود القوانين.
في التاريخ أنْ حين تغيبُ الدولة، يَظهر المجتمع المدني بِقُوَّةٍ وزخمٍ وضغُوط صارمة، فأَصغُوا إلى نداءات المجتمع المدني اللبناني، إن لديه مسائلَ ومشاكل وأموراً مُلحَّةً راهنةً للمعالجة، قبل أن يعلو صوته على صوتكم فتكون المأساة.
المجتمع اللبناني يطالبكم بالتشريع، وأنتم صوتُ هذا المجتمع فلا تقِفُوا ضدَّ أبنائه بإشاحتكم عن مقاربة مواضيعَ راهنةٍ ليس صوتُها عالياً بعد، لكنها آلامٌ نائمةٌ ستنتفضُ يوماً من سكوتها وتنفجر في مآس وفواجع قد لا تكون لكم قدرةٌ على إسكاتها يومئذ لشدَّة انفجارها. فثمة أُمورٌ تبدأُ في التداوُل الخفيض، لكنّ تفاقُمَها يفجّر في المجتمع زلزالاً لن تعودوا قادرين على تطويقه.
فيا “أصحاب السعادة”، يا مُشَرِّعي الوطن، يا أعضاءَ السلطة التشريعية في البلاد: لا تقفوا في وجه ناخبيكم، بل قفوا إلى جانبكم وانصُروهم كما نَصَروكم وانتصروا لكم فَأَوصَلوكم إلى الانتصار.
“القانون صورتُكم” يا نوّابَ الوطن، فلتكن صورتُكُم وفيةً لِمن مَنَحُوكم أَصواتهم، قبل أن تتحوَّلَ الأَصوات عنكم، فتسقطوا من الصورة، ولا يعود لكم صوتٌ ولا صورة.