هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

1016: حين السينما ذاكرةُ الوطن

الحلقة 1016: حين السينما ذاكرةُ الوطن
الأربعاء 5 تشرين الأول 2011

بين أشهر الأفلام التي عرَفَتْها بيروت في منتصف الستينات ]ولا يزال حتى اليوم في ذاكرة مَن شاهدوه[، فيلم “صوت الموسيقى” (The Sound of Music) الذي بقي أسابيعَ على شاشة سينما كاپيتول/ساحة رياض الصلح، إحدى أفخم صالات السينما في بيروت. وأَعرف كثيرين شاهدوا هذا الفيلم أكثر من مرة، لِجمال قصته، وعُذوبة أغانيه التي بقيَتْ سنواتٍ تتردَّد بين اللبنانيين، ومن أشهرها أغنية “دو ري مي” التي كانت الممثلة جولي أندروز تعلّم بِها مبادئَ الموسيقى أبناءَ الضابط ڤون تراپ الذي لعب دوره في براعةٍ الممثل كريستوفر پلامِر. ونال الفيلم سنتئذٍ خمس جوائز أوسكار، بينها أوسكار أفضل تصوير لِما كان فيه من مناظر ساحرة ومشاهد أخّاذة بين أحضان الطبيعة.
مناسبةُ الحديث عن هذا الفيلم اليوم، حدَثٌ طريفٌ وزّعَتْهُ وكالاتُ الأنباء العالَميةُ مزوّداً بصورٍ لافتة.
الحدث: بلوغُ جولي أندروز الخامسة والسبعين، في الأول من هذا الشهر (تشرين الأول).
والصُور: للممثلين السبعة الذين كانوا سنة 1965 لعبوا أدوار أبناء الضابط ڤون تراپ، تَجمّعوا اليوم بعد خمسٍ وأربعين سنةً على تصوير الفيلم، فأخذوا صورة تذكارية مع جولي أندروز في عيدها، ونشرَت وكالات الأنباء الصورَتين: صورتهم مع جولي أندروز اليوم، وصورتهم معها قبل خمسٍ وأربعين سنةً وهم أولادٌ خلال تصوير الفيلم. ومن الوكالات أيضاً صورةٌ لهم اليوم عند قمة التلة نفسها التي علّمتهم عليها المعلمة جولي أندروز في الفيلم أغنية “دو ري مي”، مع الصورة نفسها قبل خمسٍ وأربعين سنةً يوم تصوير المشهد نفسه في الفيلم.
الشاهدُ من هذه القصة أن السينما في ذاتها ذاكرةُ العصر لوطن العصر، على شاشتها تتكرّس وجوهُ فنانين يكتبون تاريخ بلدانهم، حتى إذا انطفأت الأنوار في الصالة بعد انتهاء عرض الفيلم، بقيَت في الذاكرة مشاهدُ منه ومن مُمثّلين كبار يَبْنُون صرحاً لوطنهم عبر أفلامهم الخالدة. فكيف حين يُعاد استذكارُ تلك الأفلامِ القديمة وتلك الوجوهِ والأَسماءِ القديمة التي بَنَت صرح السينما في البلاد !
أَقول هذا، وفي بالي أسماء لبنانية كبيرة لَمعَت على شاشات الفيلم اللبناني، وغابت اليوم ولا مَن يَذكُرُها إلا ذووها متحسِّرين، بينما المأمول أن تبقى في البال والذاكرة عبر استعادة تلك الأفلام في مهرجانات السينما أو في نوادي السينما أو ربّما في مهرجانٍ خاص للسينما اللبنانية يُعيد عرضَ أفلام لبنانية رائدة من الستينات والسبعينات تركَت بصمةً في صناعة السينما اللبنانية خصوصاً والعربية عموماً، عدا أفلام نالت عند صدورها جوائز عالمية.
بلى: السينما اللبنانية ذاكرةٌ للبنان الفن والثقافة، واستعادةُ أَعلامها وأعمالهم يستعيد صفحة ذهبية من فن لبناني نعتزُّ به اعتزازَنا بأيِّ حقل إبداعيٍّ آخر من حقول الصناعة الثقافية وإنتاج فني لبناني كان تأثيره الواسع في معظم دُوَل المنطقة.